قال المحامي وعضو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان محمد المطوع إن «تحريك النيابة العامة للدعوى ضد الناشط عبدالهادي الخواجة من دون دعوى شخصية من أحد، خطأ قانوني فادح وعليه تكون الدعوى باطلة، والجلستان السابقتان للمحاكمة باطلتين، معللاً ذلك بأن «التهمة الموجهة إليه بالإساءة بالكلام الجارح لأشخاص، تقتضي أن تقدَّم شكوى في حقه، وذلك استناداً إلى قانون المرافعات الجنائية».
الوسط - المحرر الحقوقي
بعد حل مركز البحرين لحقوق الإنسان، واعتقال نائب رئيسه عبدالهادي الخواجة، وانعقاد جلستين لمحاكمته والأخرى مقبلة في الطريق، تقفز الكثير من الأسئلة المُلحة عن قانونية «التوقيف والاحتجاز»، فهل تُجوز «المعايير الدولية لحقوق الإنسان» احتجاز مُتهم وتوقيفه أثناء المحاكمة؟ وما الحالات التي يُسمح فيها الاحتجاز؟ وما مدى ملاءمة القانون الوطني البحريني المواثيق الدولية فيما يتعلق بشروط «المحاكمة العادلة»؟ ويتساءل أحد القانونيين: «ألا يُحظر على النيابة العامة أن تستغل القانون لتوقيف المتهم لفترة هي لا تحتاجها؟!»، هل التوقيف وسيلة لخدمة العدالة، أم الإضرار بها؟ والأهم من ذلك: متى يجب على النيابة العامة تحريك الدعوى ضد مُتهم ما؟
قال المحامي، وعضو الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان محمد المطوع في تصريح (مُفاجئ) إن «تحريك النيابة العامة للدعوى ضد الخواجة، من دون دعوى شخصية من أحد خطأ قانوني فادح وعليه تكون الدعوى باطلة، و الجلستان السابقتان للمحاكمة باطلتان، (لأن التهمة الموجهة إليه تقتضي أن تُقدم شكوى في حقه) وذلك استنادا لقانون المرافعات الجنائية». اتفق بعض الحقوقيين مع ذلك وخصوصا ان القاضي سأل الخواجة عما إذا تكلم بعبارات جارحة، عن أحد، وتساءل آخرون: «فيما لو اعتبرنا قضية الخواجة عامة، ومن حق النيابة أن ترفع دعوى بشأنها فلماذا لم تتحرك في ملف هيئتي التقاعد والتأمينات، أو في ملف الأوقاف الجعفرية».
القانون الوطني لا يتلاءم مع المواثيق الدولية
وفيما يتعلق بملاءمة القانون الوطني بالمواثيق الدولية ذكر أن «القانون الوطني البحريني يعطي النيابة العامة حق توقيف المتهم كحد أقصى لمدة 6 أشهر، وهذا يتضارب مع ما تنص عليه الاتفاقات والعهود الدولية، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقات المتعلقة بالحريات، والمحاكمة العادلة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فان كان الهدف تطبيق روح القانون والعدالة فالمفترض ألا يُوقف شخص لمدة تزيد عن الحاجة المطلوبة للتحقيق».
وأضاف «لكن يُحظر على النيابة العامة أن تستغل القانون لتوقيف المتهم لفترة لا تحتاج فيها النيابة لها، وإلا تحولت هذه الوسيلة من وسيلة لخدمة العدالة إلى وسيلة للاضرار بالمتهم».
وبيّن الناشط الحقوقي في مركز البحرين لحقوق الإنسان قاسم الفردان أنه «لا يجوز كقاعدة عامة أن يستمر اعتقال الاشخاص المتهمين بارتكاب افعال جنائية الى حين محاكمتهم وذلك طبقاً لمبدأ الحق في الحرية والحق في افتراض البراءة ولهذه القاعدة استثناءات ضيقة وهي، ان يعتبر الاحتجاز ضرورياً لمنع المحتجز من الهرب، او التدخل مع الشهود او عندما يمثل المشتبه فيه خطراً واضحاً وبالغاً على الغير ولا يمكن احتواءه او محاولة العبث بالادلة»... «لا توجد ضرورة لاعتقال الخواجة وخصوصاً ان النيابة العامة تمتلك الدليل على ارتكاب الخواجة الجرم وانه لا يمثل خطراً على المجتمع».
لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة
ترى اللجنة المعنية بحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة «ان الاحتجاز السابق على المحاكمة يجب ان يكون استثناءً ولأقل فترة ممكنة»، ويمكن تحديد النطاق الذي يجوز الخروج على القاعدة وهي لمنع المتهم من الهرب، او تجنب المتهم للتأثير على الشهود او العبث بأدلة، منعه من محاولة ارتكاب جريمة اخرى او انه يشكل تهديداً واضحاً وخطيراً على المتهم ولا يمكن احتوائه بأي أسلوب آخر اقل».
المادة (165) من قانون العقوبات
ولا يمكن الحديث عن محاكمة الخواجة، بعيدا عن التهمة، وهي مخالفة 165 من قانون العقوبات التي تنص على انه «يعاقب بالسجن من حرض بإحدى طرق العلانية على كراهية النظام او الازدراء به»، وبين فردان أن «غياب الديمقراطية واغتصاب سلطة التشريع من المجلس الوطني وانفراد السلطة التنفيذية في اصدار القوانين عُكست بشكل كبير على طبيعة المواد التي تم صوغها، وخصوصا في قانون العقوبات وذلك بما يتعلق بأمن الدولة الخارجي والداخلي»... «هذا النص (المادة 165) جاء مقيداً لحرية التعبير فطرق العلانية لم تحدد في المادة لا على سبيل الحصر او المثال وترك ذلك الى السلطات بما يجعلها تمتلك سلطة التقدير ما يساهم في اتساع نطاق التجريم ، كما ان حال الكراهية والازدراء هي حال نفسية في المقام الاول، فالحب والكراهية هي مشاعر لا يمكن العقاب عليها وهل يعتبر انتقاد مسئول كراهية كما يفهم من طبيعة التهمة الموجهة إلى الخواجة، كما ان مفهوم النظام ليس مرتبطاً بأشخاص، فالموظف محاسب من قبل الشعب وعرضة للعزل والانتقاد، فتطبيق المادة تعكس بعد، شخصني لطبيعة النظام وكأن النظام متمثل في اشخاص معينين لا يجوز محاسبتهم ويجب ان تحبهم».
الطعن الدستوري
أما المطوع فقد بين «إن المادة (165) من قانون العقوبات تتعارض مع المادة (23) من الدستور التي تكفل حرية التعبير إلا انه اعتبر حرية التعبير في مجتمعاتنا لها معيار آخر فعلى سبيل المثال ،عندما زارت ملكة بريطانيا اليزابيث نيوزلندا واستراليا، رشقوها بالبيض والطماطم الفاسد، وعلى رغم ذلك صرح القضاء والبرلمان الاسترالي بأن من حق الشعب أن يُعبر عن غضبه... انتقاد كلينتون وكارتير وبوش لا يشكل جريمة ولكن في دولنا الأمر يختلف».
وعن الطعن الدستوري في المادة (165) لم يبدو المطوع متفائلا ، إذ إن التقدير في ذلك يرجع للقاضي، لاسيما ان هناك ما يُسمى بالتعارض الشكلي، وتعارض في الجوهر، وهذا يدخلنا في دوامة التفاسير».
كان من الصعب جدا الحصول على تصريح من قبل النيابة العامة، فكثيرا ما تتحفظ على ذلك
العدد 778 - الجمعة 22 أكتوبر 2004م الموافق 08 رمضان 1425هـ