العدد 777 - الخميس 21 أكتوبر 2004م الموافق 07 رمضان 1425هـ

الحاج حسن العالي نموذج وقدوة للجيل الجديد

بعد عام على رحيله

مجيد السيد علي comments [at] alwasatnews.com

.

لقد بدأت علاقتي الشخصية مع المرحوم الحاج حسن العالي منذ العام 1982م، عندما شاهدته لأول مرة، وقد كنت حينها متخرجا للتو من الجامعة، إذ كنت اعمل كمهندس متدرب في وزارة الأشغال، وكان أول مشروع كلفت به من قبل الوزارة كان في الشارع المؤدي من نادي المحرق وقرية الحد من خلال التعامل مع إحدى المقاولات التابعة لشركة الحاج حسن العالي، وللوهلة الأولى من مشاهدتي له، نال الحاج حسن تقديري وإعجابي... لقد رايته يحمل الرمل في الصندوق الخلفي من سيارته الشخصية، وقد لفت ذلك نظري؛ لان المرحوم كان يمارس عمله بشكل مباشر، ودون الأتكالية على أحد، وهذه الصفة في غاية الأهمية لأي رجل أعمال.منذ هذا الانطباع الأول الذي حملته عن الحاج حسن ، عرفت انه يمتاز بمباشرة أعماله أولا بأول، وعلى رغم امتلاك مؤسسته طاقما كبيرا من الفنيين والإداريين ، فإنه كان حريصا كل الحرص على وضعه في الصورة في كل ما يختص بأعمال المؤسسة.

أن الحاج حسن يعد نموذجا وقدوة وخصوصا بالنسبة للجيل الجديد؛ لان الحياة التي يعيشها هذا الجيل ورغم احتوائها على العديد من السلبيات، إلا إنها بالتأكيد تمثل حالا أفضل بكثير إذا ما قورنت مع الحياة الصعبة التي عاشها الحاج حسن، إذ انه لم يحض بقدر كاف من التعليم، حيث بدء من نقطة الصفر ماديا وعلميا على النقيض من هذا الجيل، الذي يملك قسطا وافرا من التعليم، وهذا ما لم يحض به المرحوم، كما انه لم يستعجل الرفاهية ولم يقم بحرق المراحل، بل كان متدرجا في أعماله حتى وصل إلى هذه الثروة الطائلة، لذا فان النجاح ممكن باستحضار مثل هذه النماذج البحرينية الرائدة. وأنا لا اخفي إنني متأثر بدرجة كبيرة بنمط حياة هذه الشخصية وكيفية تعاطيها مع الواقع المهني و أسلوب إدارتها لأعمالها الخاصة. و لم يكن التعليم معوقا لمسيرة المرحوم، بل شكل على العكس تماما دافعا له للمضي قدما نحو الأمام.

لقد كان الحاج حسن وفي كل لقاءاتنا معه يمارس دورا توعويا بصورة غير مباشرة، إذ كان المرحوم حريصا كل الحرص على استعراض تجربته وبدايته الصعبة في الحياة على مسامع رواد مجلسه، وخصوصا في التعاطي السلبي معه من قبل البيئة الاجتماعية المحيطة به. وكانت لا تفوت فرصة إلا وحرص المرحوم من خلالها على الاستغراق في هذا النوع من الحديث، وقد تكون هناك ظروف خدمت المرحوم، لكن الحافز كان على الدوام هو الطابع الذي يميز هذه الشخصية. وحتى آخر لقاء جمعنا به، إذ كان قبل أسبوع واحد فقط من وفاته، كان يكرر على مسامعنا حال تلك الحياة القاسية التي عاشها، من خلال عمله المتواضع في نقل البضائع على ظهر الحمار من عالي (مكان سكنه) إلى المنامة. وعلى صعيد عمله التجاري فكان حريصا على الاستيفاء بكل استلزاما ته المالية، وكان يؤكد أن أحدا ما لا يطالبه بدين أبدا، وهذه ميزة أخرى حملها المرحوم أيضا.

لقد بدا واضحا أن هذا الرجل و منذ البداية كان يحمل رسالة لمجتمعه ويمتلك رؤية ثاقبة، فلم يكن يريد لقصة نجاحه أن تكون قصة يتيمة ومعزولة، بل كان يسعى إلى تكرار نموذجه، ويصنع من كل بحريني (حاج حسن) آخر!

وللأمانة فان الفقيد كان ميالا للعمل المؤسساتي، وكان يؤمن بأهمية الكفاءات والكوادر المؤهلة في مختلف الحقول التخصصية في التي يستلزمها عمل الشركة، وكان يحرص باستمرار على استقطاب هذه الكوادر والعقول الكبيرة وتوظيفها في قطاعات الشركة، أما على مستوى اللجان الخيرية التي شكلها الحاج حسن، فكان لي الشرف العمل في لجنتين هما:

1- مشروع البناء.. لقد عملت في هذا المشروع منذ نحو عشرة أعوام، والجميع يدرك أن هذه المشروع قد ساهم في حل الكثير من المشكلات الإسكانية لذوي الحاجة من المواطنين، وهناك إحصائيات مدققة يمكن الإطلاع عليها لاحقا لتعكس تلك الحقيقة. وهناك عدة أنواع من المشاريع الداخلة في نطاق عمل اللجنة (إنشاء وحدات سكنية كاملة وجديدة- منازل تبنى على أراضي أصحابها- أعمال الترميم و الصيانة)، وكل الحالات المقدمة تدرس بصورة مستفيضة، وهناك لجنة مشتركة بين الصناديق الخيرية لهذا الغرض، وفوق ذلك هنالك لجنة تقييم عليا تقوم بأعمال التدقيق، وهذا ما يعزز عنصر النزاهة والشفافية عند المرحوم العالي.

2- لجنة المنح الدراسية: إن وضيفة هذه اللجنة هي مساعدة أبناء العائلات الفقيرة على مواصلة دراستهم الجامعية، مع العلم بان الفقيد العالي قد منح صلاحية واسعة لأعضاء هذه اللجنة لدراسة الطلبات المستوفاة للشروط، وفقا لمعايير وآليات محددة. وقد ركز الحاج حسن - رحمه الله - على هذا النمط من المساعدات؛ لأنه كان يعتقد أن تدريس أحد الأبناء، وبالتالي حصوله على العمل المناسب، يساهم في رفع كابوس البؤس والفقر عن كاهل أسرته. كما لا يفوتني أن اذكر بان المرحوم كان جم التواضع، وخصوصا خلال تعامله مع الفقراء، وبحكم الظروف التي مر بها فقد كان المرحوم الأقدر على الإحساس بآهات المعوزين وذوي الحاجة، وخير دليل على ذلك هو الحزن الكبير الذي لف كل شرائح المجتمع البحريني بعد وفاته.

و في الختام اعتقد أن هذه الشخصية لهي حقا جديرة بالدراسة والتوثيق ، لتكون نموذجا مشرفا تضاف إلى النماذج البحرينية الخيرة التي أعطت الكثير الكثير لوطنها ومجتمعها

إقرأ أيضا لـ "مجيد السيد علي"

العدد 777 - الخميس 21 أكتوبر 2004م الموافق 07 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً