لم يكن مفاجئا قرار وزير العمل مجيد العلوي إلغاء جلسته «التفاوضية» يوم غد (السبت) مع وفد الجمعيات الأربع بشأن المسألة الدستورية، بل كان متوقعا، وينتظر المراقبون إعلانه، وسبق التأكيد أن وراء تنازل الكتل النيابية عن تقديم مرئياتها في التعديلات الدستورية تنازل حكومي عن الحوار، لا لأهمية مجلس النواب وقدرته على إحداث التغييرات الدستورية، وإنما لكونه يتلقى الإشارات الحكومية برهافة حس، ويبني عليها مواقفه. وبالتالي: لا داعي لتحميل السفير البريطاني والجمعيات الأربع مسئولية إنهاء الحوار، فهذه حجة باهتة استخدمت أكثر من مرة أرادت فيها الحكومة تصعيد الموقف.
مجلس النواب يبدو وكأنه «متآمر» على دوره لصالح السلطة التنفيذية، فقد رفضت تشريعيته تعديل المادة 45 من قانون مجلسي الشورى والنواب، والتي تحظر محاسبة السلطة التنفيذية قبل انعقاد المجلس، ويمكن الحدس طبيعيا: بأن الخطوة المقبلة بعد إلغاء الحوار فرض قانون الجمعيات السياسية كأمر واقع، فكل ما يقال بشأن تعديله «هباء منثور»، كما أن ملفات مثل «التأمينات والتقاعد» و«التجنيس السياسي» أصبحت هباء منثورا، فـ «هباءات» النواب أعقبها تراجع خطير في مواقفهم. وفي هذا الدور: يمكن توقع عدم حدوث «هبات» وعدم حدوث «تراجع»، فخلل التركيبة اتسع، ولن يسمح بذلك.
إذن... على الجمعيات الأربع لملمة صفوفها، لأن المفاجآت السياسية ستحول المشهد السياسي إلى كومة من الضغوط الحكومية مع تباين وجهات نظر المعارضين، فالحكومة قررت الضغط بكامل قواها على المعارضة، والدخول في دائرة الاستحقاق الطائفي والمساومة عليه، وإدخال مجلس النواب معها، وبالتالي: فاحتكار فئة محدودة من المعارضة إدارة الساحة لوحدها من دون شراكة الأطياف الأخرى، سيؤدي إلى كارثة سياسية حقيقية، تكون سببها المعارضة وليست السلطة
إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"العدد 777 - الخميس 21 أكتوبر 2004م الموافق 07 رمضان 1425هـ