وضع مدير عام يعمل في إحدى الشركات أمامي عبارة توضح مدى عدم اهتمام البعض بالجودة في البحرين بقوله «مشكلة القراء عندنا هي أنهم لا يفرقون بين الجيد وغير الجيد وهم ينظرون فقط إلى عدد الصفحات التي تحتويها الجريدة وكيف يتم ملؤها». يبدو أن ملء صفحات الصحف بأي شيء أصبحت موضة حديثة لدى البعض بحيث استشرى هذا الداء إلى كبار المؤسسات، وفي حين يبدو أن هذه المشكلة انتقلت في الآونة الأخيرة إلى بعض المسئولين فهم يقيسون العمل وجودته بكثرة ما يكتب لا بالمحتويات، فإن التركيز على ضمان جودة المنتجات في المصانع والمكاتب وغيرها أصبحت من الاهتمامات الرئيسية في المملكة ولذلك فقد تم تدريب وتم تعيين بعض الموظفين لكي يشرفوا على ضمان الجودة في الوزارات والدوائر الحكومية وشمل ذلك إقامة جمعية تعنى بالجودة، بل إن بعض المؤسسات تصرف الملايين من أجل الحصول على شهادة الجودة من مؤسسات عالمية مهمتها التدقيق في مدى التزام الشركة أو المؤسسة بالأسلوب المتبع لتحقيق الجودة باعتبارها الطريق المثلى لرقيها.
وبسبب هذا الداء المستشري في المنطقة فإن الكثير لا يعير اهتماما كبيرا بما تكتبه الصحف باعتباره «كلام جرائد» ونشاهد هذه العبارة تتردد على السنة الكثير من الأشخاص كلما أرادوا التهرب من الواقع الذي أوقعوا أنفسهم فيه بسبب الجهل وعدم الكفاءة، ولذلك يجب على الجميع أن يعمل على تصحيح هذا المنطق الخاطئ عن الصحافة من خلال تكريس جودة المنتج فيها، وهذا لا يتم إلا بتعاون الجميع في وضع خطوط واضحة المعالم للكتابة إذ يتم فيها طرح الموضوعات والمشكلات والأخبار التي تهم الوطن والمواطن في الصحافة بموضوعية وليس لمجرد ملء الصفحات التي يجب أن تكون خاوية إذا لم توجد المادة المناسبة التي يمكن من خلالها إثراء الجريدة، ولكننا نجد في هذا الوقت البعض الذين يجيدون الاعيب والحيل بل والإغراء أيضا لترويج بضاعتهم الفاسدة التي عفا عليها الزمن. فالجودة هي مفتاح النجاح للمؤسسات والشركات بل والأفراد ويجب الالتزام بها كلما كان ذلك ممكنا وعدم التفريط بها لمجرد «تطييب الخاطر» وقد قال الرسول (ص) «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه». والله من وراء القصد
العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ