التسريب الصحافي الذي تحدث عن قرار وزارة العمل والشئون الاجتماعية قطع الحوار مع الجمعيات المعارضة لم يكن بحاجة الى الحجة الوهمية المشار اليها، وهي التقاء الجمعيات مع السفير البريطاني روبن لامب، وهو اجتماع لم يحدث اساسا.
السبب الحقيقي - بحسب احد المصادر المطلعة - هو البيان الذي اصدرته الجمعيات بعد اعتقال الناشط عبدالهادي الخواجة بعد الكلمة التي ألقاها في نادي العروبة في ختام ندوة الفقر التي نظمها مركز حقوق الانسان في 24 سبتمبر / ايلول الماضي.
المثير في الأمر هو طريقة الحديث ومحاولة ربط الجمعيات المعارضة بسفارة أجنبية، وهي محاولة شبيهة بما حدث قبل فترة عند التطرق الى نشاط الـ «إن. دي. آي»، وهي اساليب رخيصة جداً. فالسفارة البريطانية تدعم المجلس الأعلى للمرأة من خلال برنامج تمكين المرأة وتدعم المؤسسة العامة من خلال البرلمان الشبابي، وتدعم مجلسي الشورى والنواب وترسلهم الى لندن كما تدعو آخرين من لندن لزيارة البحرين، ولم تحصل منها الجمعيات الاربع على أي شيء مقارنة بالدعم الذي تحصل عليه المؤسستين المذكورتين. ثم ان الدعم البريطاني معلن، والسفارة البريطانية تدعو الى مائدتها رجالاً وسيدات الأعمال والمسئولين والصحافيين، تماماً كما تفعل سفارات أخرى... والسؤال المطروح على الجهات المسربة لمثل هذه التصريحات: هل ما هو حلال عليكم حرام على غيركم؟
على أن زج اسم دولة مثل بريطانيا وربطها بالجمعيات المعارضة يعتبر نذير سوء، لأن هذا يعني أن اساليب الماضي مازالت جاهزة للتدشين ضد من لا ترغب فيهم الجهات الرسمية، والتهم الرخيصة متوافرة في البلدان التي تسعى الى قمع شعوبها، وهو أمر لا نود العودة اليه بعد ان دشن جلالة الملك المشروع الاصلاحي وفتح الابواب الموصدة وأزال الأجواء المريضة التي كانت يستنفع منها مرضى النفوس الذين يعيشون على آلام الآخرين. واذا كان هذا المسئول او ذاك ليست لديه الشجاعة لقول الصدق، فإن عليه الصمت «قل خيراً أو فلتصمت»، ولا حاجة إلى أن ندخل في تُرّهات او نرد عليها من الاساس.
قد نختلف مع الجمعيات الأربع، وقد نقارع حجتهم بحجة أخرى، وقد نلومهم، ولكن يبقى ان هؤلاء مخلصين، لهم آراؤهم التي يلتزمون بها، وهو حقهم في ظل أي نظام ديمقراطي. والواجب على النظام الذي يسير على الديمقراطية ان يتحمل المعارضين، لأن القضاء عليهم يعني القضاء على حيوية المجتمع وبالتالي سيادة الدكتاتورية والاستبداد وقتل الطموح ومن ثم التخلف على جميع المستويات.
هذا الحديث لا أقوله أنا، وانما تقوله تجارب كل الأمم الناجحة والفاشلة. فالدول الناجحة هي التي استطاعت ان تجد لها وسائل للتفاهم فيما بينها وادارة الخلاف بحيث يتمكن الجميع من العمل وحدة واحدة على رغم الاختلاف والتنوع في الآراء والنشاطات. واذا كنا ننتقد المعارضة أو الخواجة على بعض اعمالهم وأقوالهم، فإننا نوجه انتقادنا إلى المسئولين وندعوهم إلى عدم اجترار اساليب الماضي، وإلى ان يتسع صدرهم لما يؤذيهم من القول او الفعل وألا ينجرفوا في اتجاه سلبي لا يعود عليهم او على غيرهم بالنفع
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 776 - الأربعاء 20 أكتوبر 2004م الموافق 06 رمضان 1425هـ