القضية ليست عابرة ولا يمكن السكوت عنها ولابد من نبش ملفات الأوقاف الجعفرية، وتجب محاسبة كل فرد من الشيعة أخذ شيئاً من الأوقاف، ويجب ألا نفكر في انتمائه الطائفي، ويجب أن نعلنها صادقة مادمنا نتطلع إلى العدالة الجميلة. من أخذ درهماً حراماً من الأوقاف فيجب أن يرجعه، ومن استغل عقلية نومنا طيلة هذه السنين فيجب أن يحاسب ولابد أن يسترد كل درهم أخذ خارج القانون.
كل ذلك لا يكون إلا بفريق عمل وبموقف غير محابٍ لأحد، وان دعوى فتح الملف على مصراعيه قد تسيء إلى الطائفة الشيعية هي دعوى جاهلة وفارغة، لأن العدالة لا تعرف الانتماء، وان من يخطئ في موقف أو وزارة أو مؤسسة فمن الخطأ أن ننسبه إلى جميع من يلتقي معهم في النسب أو الأيديولوجيا أو الانتماء... أليس أبوجهل هو عم للنبي (ص)؟ إن دعوات الخوف من نشر غسيل بعض الشيعة العاملين في الأوقاف ممن تورطوا في تجاوز القانون دعوى باطلة يُراد بها باطل، لهذا يجب أن نوقف المتلاعبين أو من تلاعبوا، وهنا أتمنى أن يفتح ملف للأوقاف في البرلمان البحريني، وأنا على استعداد للتواصل معهم ومدّهم بما يريدون، والقضية لابد أن تفتح ولكن شريطة أن تكون هناك إرادة للتغيير، لا أن يكون الموقف غير الحكيم من التأمينات والتقاعد وغيرهما.
أقول للنواب: إن فتحتم ملف الأوقاف الجعفرية فستكتشفون قضايا أغرب من الخيال... اذهبوا إلى هناك واقرأوا الملفات... دقّقوا في الحسابات... لاحظوا بعض المناقضات... اقرأوا أسعار التأجير لبعض العقارات... ابحثوا عن بعض الأراضي التي بيعت... اسألوا عن بعض المقابر التي صودرت... اقرأوا عن عدد الأراضي المنتشرة في أنحاء البلاد، ولماذا لا تُسجل؟
وهناك نقاط جوهرية وهي أن بعضاً من المستأجرين وبعض من تعاملوا مع الأوقاف من المواطنين سابقاً لم يُقابلوا بالموقف الصحيح وعانوا ما عانوا من بعض الإدارات، بمعنى أن هناك انتقائية في التعامل أيضاً مع المراجعين. والسؤال: هل يجرجر الجميع إلى المحاكم إن كان بحجة عدم الدفع أو غيره؟ لو كان ذلك يحدث لجُرجر بعض الأعضاء الذين بقوا عاماً ونصف العام لم يدفعوا متأخرات الإيجار.
الآن، نتمنى الإصلاح في الأوقاف الجعفرية وألا نسمع لأية دعوى يُرَوَّجُ لها في الشارع العام بأن فتح ملفات الأوقاف الجعفرية سيؤدي إلى تشويه صورة الشيعة. هذه دعوى طائفية بغيضة، كل متمصلح يقوم بالعزف عليها ساعة قرب الخطر، وفي كل شهر تُعزف في بيت، يوماً في هذه المؤسسة ويوماً في أخرى. علينا أن نفتح ملف الأوقاف الجعفرية في الصحافة وفي البرلمان وفي مؤسسات المجتمع المدني، وأن نوثق الحقائق حتى لا نظلم أحداً، وألا نطلق أية معلومة تنطلق من التكهنات أو الإشاعات، وأن نحاسب أي مسئول أخطأ في حق الوقف.
إشارات
- هناك أخ لوزير حالي بلا وزارة باع عقاراً للأوقاف الجعفرية بمبلغ 470 ألف دينار تقريباً (ما يقارب نصف مليون دينار). العقار في السنة الثانية بدأ «يخرّ ماء». تقرير أحد المهندسين نصح بالتريث قبل شراء هذا العقار، ولكن أحداً لم يسمعه وتم شراؤه. هل بإمكان البرلمان التحقيق في ملابسات الموضوع؟ العقار تم شراؤه قبل سنوات قلائل.
- بعض الأعضاء السابقين استأجروا أراضي كبيرة... أقاموا عليها مشروعات، انتهت عقود بعضهم وتم التجديد لهم... لماذا لا يتم توقيف هذه العقود؟
- هل بالإمكان التحقيق في طبيعة الأسئلة التي وُجهت إلى علماء المحكمة الجعفرية سابقاً للحصول على إجازة لبيع وشراء بعض الأراضي والعقارات والتأكد من أن توصيف ضرورة البيع والشراء متناسب مع الواقع؟
- قال المدير الحالي للأوقاف في الصحافة بتاريخ 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري: «إن إيجار إحدى الأراضي بمنطقة الجفير ارتفع بعد تجديد العقد من 500 دينار فقط إلى 24 ألف دينار سنوياً، وقد يرتفع إلى 26 ألف دينار، فيما ارتفع إيجار أرض أخرى بالجنبية من 700 دينار إلى 10 آلاف دينار سنوياً». والسؤال: هاتان أرضان فقط، فماذا عن مئات الأراضي التي مازالت على أسعارها القديمة؟ وأين مجالس الإدارات السابقة عن هذه الأراضي؟ لماذا صمتت عن هذا الغبن الفاضح والمبكي؟ أين الرقابة؟ وأين المجتمع ومؤسساته من ذلك؟ هل ستكرر الحكومة الأخطاء السابقة فتعيّن أعضاءً ليست لهم خبرة في الإدارة والاستثمار، كما حدث سابقاً لدى بعض من عُيِّنوا؟ وماذا عن أعضاء تجاوزوا القانون والشرع؟ وأين آليات المجتمع المدني للدفاع عن الوقف؟
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 775 - الثلثاء 19 أكتوبر 2004م الموافق 05 رمضان 1425هـ