مرت البحرين بمرحلة عصيبة خلال التسعينات إذ تميزت بالقمع الشديد للمعارضة والتي ائتلفت في ما يعرف بالحركة الدستورية. ويمكن القول إن الحركة الدستورية هي التي بادرت بطرح مشروع إصلاحي من خلال العريضة النخبوية في نوفمبر/تشرين الثاني 1992، والعريضة الشعبية في ديسمبر/كانون الأول 1994، وذلك لإخراج البلاد من مأزقها.
ويمثل وصول الملك حمد بن عيسى آل خليفة الى الحكم في 6 مارس/آذار 1999 انعطافة مهمة لإنهاء هذه الواجهة، ثم طرح المشروع الإصلاحي الذي توافق الحاكم والشعب عليه.
طبعاً، فإن المشروع الإصلاحي لم يتبلور في لحظة واحدة، بل جرى تشكل ملامحه على امتداد السنتين الأوليين من حكم الملك حمد، واللتين شهدتا الانفراجة الأمنية بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وعودة جميع المنفيين واندماج غالبيتهم في الحياة العامة، وإتاحة هامش معقول من حرية التعبير والتجمع.
المشروع الإصلاحي
يعتبر ميثاق العمل الوطني الوثيقة الرئيسية للمشروع الإصلاحي في البحرين والذي توافق الحاكم والشعب عليه. فقد تشكّلت لجنة كبيرة ضمت شخصيات من الأسرة الحاكمة وشخصيات عامة ووزراء واختصاصين لصوغه. وتعرضت مسودته لعدة تعديلات بناءً على طروحات في اجتماعات جماهيرية سبقت صوغه النهائي وتقديمه للأمير في ديسمبر 2000. كما أن المعارضة وشخصيات قيادية مدنية ودينية، أصرت أن يقدم الحكم إيضاحات لبعض الالتماسات الواردة في مشروع الميثاق، أهمها: أن دستور 1973 هو مرجعية الميثاق القانونية وبالتالي فإنه يتطلب الحفاظ على المكاسب الشعبية المحققة فيه، وألاّ يجرى تعديله الا جزئياً؛ وأن دور مجلس الشورى المعين والمستحدث الى جانب مجلس النواب المنتخب يجب أن يقتصر على الاستشارة فقط، فيما يحتفظ مجلس النواب بكامل سلطات التشريع والمراقبة؛ وأن تعديل الدستور يجب أن يقتصر على استحداث مجلس الشورى في السلطة التشريعية، وما يعزز الحريات العامة وحقوق المواطنين.
وقد قام الحكم فعلاً بتقديم ضمانات لعموم الشعب وللمعارضة بشكل خاص تمثل في الرسالة الشهيرة التي وقّعها الأمير وتصريح ولي العهد بخصوص دستور 1973، والخطاب الرسمي لوزير العدل والشئون الإسلامية، رئيس اللجنة المشرفة على الاستفتاء على الميثاق. وبعد هذه التأكيدات فقط، دعت المعارضة والشخصيات المدنية والدينية جماهير الشعب للتصويت بكثافة وبنعم للميثاق في 14 و15 نوفمبر 2001 والذي حاز على 98,4 في المئة من أصوات المقترعين، ممن بلغوا 21 وفوق من الجنسين، علماً بأن المرأة أعطيت حق الاقتراع لأول مرة منذ صدور دستور 1973.
أن مراجعة سريعة لميثاق العمل الوطني تظهر لنا ما يأتي:
أن غالبية بنوده منقولة أو مسندة من مواد دستور 1973 وتشمل هذه المقدمات الأساسية للمجتمع ونظام الحكم والأسس الاقتصادية للمجتمع، والتعديل الايجابي «بان المواطنين - رجالا ونساء - وإضافة بند المجتمع المدني في المقومات الأساسية للمجتمع. وهناك فصل خاص بشأن شخصية البحرين التاريخية حضارة ونهضة بها تغني لماضي البحرين... في المنطقة كواحة للتسامح والانفتاح، وامتداح للحكام وصولاً لإسهامهم في نهضة البحرين، والقرار في ضوء تجربة العقود الثلاثة، والتي كانت عقود تغييب للحياة الديمقراطية، لم يوضحها الميثاق، بان يجرى التمسك بالثوابت الوطنية والسياسية والدستورية وتأكيد النظام الملكي الوراثي الدستوري الديمقراطي، ما يتطلب تحديث الدستور بتوسيع دائرة المشاركة الشعبية والأخذ بنظام المجلسين في العمل التشريعي.
في باب استشراقات المستقبل، تقرر أن يحدد التعديل الدستوري التسمية الرسمية لدولة البحرين بناء على الطريق التي يقرها الأمير والشعب... وبالنسبة إلى السلطة التشريعية، تعدل أحكام الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور باستحداث نظام المجلسين بحيث يكون الأول مجلسا منتخبا انتخابا حرا مباشرا ويتولى المهمات التشريعية، الى جانب مجلس معين يضم أصحاب الخبرة والاختصاص للاستعانة بآرائهم.
التنظيمات السياسية
وموقفها من المشروع الإصلاحي
في ظل تحريم العمل السياسي وتجربة حل المجلس الوطني وتعليق مواد أساسية من الدستور في العام 1975 وعلى امتداد ربع قرن، فقد جرى قمع شديد بحق المنظمات وشخصيات المعارضة بمختلف اتجاهاتها الإسلامية والقومية واليسارية، بحيث تحولت الى تنظيمات سرية تجد تعبيراتها العلنية في الناطقين باسمها والمنفيين في الخارج، وبشكل علني في بعض المؤسسات الأهلية من جمعيات وأندية.
وقد دعمت جميع التنظيمات المشروع الإصلاحي المجسد في الميثاق وتوجهات الملك حمد بن عيسى آل خليفة واجراءاته التصالحية. وطبعاً هناك تحفظات وتفسيرات لدى البعض، وتصورات متباينة لما يتوجب أن يكون عليه المشروع الإصلاحي. لذلك اختلفت القوى السياسية تجاه السياسات والإجراءات والتشريعات التي أقدم عليها الحكم فيما يعتبره تنفيذاً لما جاء في الميثاق والمشروع الإصلاحي ومن أهمها:
تشكيل لجنة لتفعيل الميثاق برئاسة ولي العهد وتضم أيضاً مجموعة من المسئولين وشخصيات عامة واختصاصين وقد أنجزت مشروعات قوانين واستراتيجية مكافحة البطالة.
لجنة تعديل الدستور برئاسة وزير العدل وضمت مسئولين ومستشارين مصريين، وعملت بسرية تامة حتى فاجأ سمو الأمير القوى السياسية بدعوتهم وإخطارهم عزمه على إصدار دستور جديد وإعلان مملكة البحرين قبل 10 أيام فقط من تنفيذ ذلك في 4 فبراير/شباط 2002.
مجموعة كبيرة من القوانين فيما بين الفترة من إعلان دستور 2002 وإجراء الانتخابات النيابية في أكتوبر / تشرين الاول 2002 والتي تقيد في مجملها الحريات العامة وحقوق المواطن وتنقص من صلاحيات المجلس النيابي، ومحصلة الدستور 2002 والقوانين بمراسيم اللاحق هي إعطاء الملك سلطات شبه مطلقة ويجعل السلطة التنفيذية شريكا للسلطة التشريعية ومهيمنة عليها ويجعل مؤسسات النظام الدستوري شكلية.
التنظيمات السياسية
بادر التيار اليساري في ظل الانفتاح الى جسّ نبض السلطة في تشكيل تنظيم سياسي، فقد جرى اثر رجوع عدد كبير من القيادات والكوادر من الخارج في بداية 2001 طرح مشروع التجمع الوطني الديمقراطي، ووزعت مسودة برنامجه. ومن خلال الاتصال بمستشاري الأمير اخطروا بان تشكيل الحزب أو تنظيمات سياسية غير مرغوب بها حالياً لأنها ستثير الجيران، وبدلاً من ذلك نصحوا بتشكيل جمعيات سياسية استنادا الى قانون الجمعيات والأندية للعام 1989، مع تجميد المادة 19 التي تمنع الجمعيات والأندية الاشتغال بالسياسة، وهكذا عهدت التنظيمات السرية وشبه السرية بمختلف توجهاتها بتشكيل جمعيات سياسية خلال العامين 2001 - 2002 وأهمها:
جمعية المنبر الوطني الإسلامي (الأخوان المسلمين سنة).
جمعية الاصالة الإسلامية (السلفيون السنة).
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية (الاسلاميون الشيعة الذي تحركوا في انتفاضة التسعينات).
جمعية العمل الإسلامي (اسلاميون شيعة ونواتهم الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين).
جمعية العمل الوطني الديمقراطي (اليسار ونواتهم الجبهة الشعبية في البحرين).
جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي (اليسار ونواته جبهة التحرير الوطني البحراني).
جمعية الميثاق الوطني (التيار المحسوب على الحكم).
جمعية الوسط العربي الإسلامي (التيار الناصري الإسلامي).
وهناك جمعيات صغيرة أخرى أما انشقت أو تلتف حول شخصيات قريبة من الحكم.
أما مواقف هذه الجمعيات من المشروع الإصلاحي والإصلاح عموما، فيعتمد ذلك على خلفيتها السياسية والفكرية وتركيبها وعلاقاتها التاريخية بالحكم سلباً أو إيجاباً، وهناك تقاطعات في مواقفها، وقواسم مشتركة تمثلت في تحالفات ومواقف مشتركة وأهمها:
أن مؤسسي جمعيتي الاصالة والمنبر الإسلامي، مقربون تاريخياً بالحكم. وبالنسبة إلى جمعية الاصالة، فقد أكد زعيم كتلتهم البرلمانية عادل المعاودة، أنهم قبلوا بالبرلمان لدفع ضرر اكبر (غياب الشورى) أصغر أي البرلمان أي أنهم لا يؤمنون بمؤسسات الحكم الديمقراطي المنبثق من الشعب. وقد اظهر سجلهم في البرلمان أنهم مهتمون بالنقاب واللحى وصندوق الزكاة.
أما جمعية المنبر الإسلامي، فهم أكثر انفتاحا على التحول الديمقراطي ولكن في إطار إسلامي وعندهم تحفظات بسيطة على دستور 2002. مقابل كتلة الموالاة للحكم وهناك كتلة المعارضة المشكل من أربع جمعيات هي: 1- جمعية الوفاق، 2- جمعية العمل الوطني الديمقراطي، 3- جمعية العمل الإسلامي، 4- التجمع القومي، وهؤلاء يتفقون على ثوابت أهمها:
- التمسك بما في الميثاق من ثوابت ورؤى، إضافة الى تأكيدات القيادة بشأن محتواه.
- التسمك بدستور 1973 كأساس قانوني للمشروع الإصلاحي وتعديله بما يوسع من حقوق الشعب وحريات المواطنين.
التحفظ على دستور 2002، ويعتبرونه تراجعاً في مسيرة الإصلاح وسلباً لحقوق الشعب ضمنها دستور 1973 وعلى خلاف ما جاء في الميثاق الذي صوت عليه الشعب بالإجماع، ويطالبون بالعودة لدستور 1973 مع إجراء تعديلات محدودة كما ينص على ذلك الميثاق. كما يطالبون بما يأتي:
- المضي قدما في مشروع الإصلاح وهذا يتطلب الإيمان الرسمي بالمشاركة الشعبية، وإجراء إصلاح تشريعي وهيكلي في بنية الدولة والإتيان بحكومة وقيادات تؤمن بالإصلاح فعلاً.
- وضع حد لسياسات متأصلة مثل التمييز الطائفي والقبلي والفساد والمحسوبية والامتيازات وغياب الشفافية والمحاسبة.
وانطلاقا من هذه الأرضية المتمثلة في ميثاق الجمعيات الأربع، اتخذت مواقف تنسجم مع هذه الرؤية وأهمها:
- التحفظ على دستور 2002 والقوانين اللاحقة، ومنها قانون الدوائر الانتخابية، ولوائح مجلسي الشورى والنواب وقانون الحقوق السياسية.
- مقاطعة الانتخابات البرلمانية 2002 وبالتالي عدم الاعتراف بشرعية مجلسي النواب والشورى.
- مناهضة القوانين المقيدة للحريات ومنها قانون الصحافة ومشروع الجمعيات السياسية وقانون النيابة العامة والطعن فيها أمام المحكمة.
- التنديد بالإجراءات التي تستهدف فرض هذه القوانين وغيرها من الإجراءات مثل التجنيس السياسي، ومحاكمة الصحافيين، واعتقال النشطاء السياسيين المعارضين ومنع فعاليات المعارضة والحركة الحقوقية والاجتماعية العمالية وغيرها من اجل تشكيل تحالف واسع لإصلاح دستوري شامل.
وقد عمدت الجمعيات الأربع للالتقاء مع 3 جمعيات أخرى، تتفق معها جزئياً في ضرورة الإصلاح الدستوري وهي (المنبر التقدمي، الوسط، المنبر الإسلامي) وتجمع الحركة الدستورية والمحاميين الدستوريين، وتشكلت لجنة تحضيرية من جميع هؤلاء للتحضير للمؤتمر الدستوري، ولكن خلافات لاحقة أدت الى انسحاب الجمعيات الثلاث وانعقاد المؤتمر الدستوري الأول في 14 و15 فبراير / تشرين الاول 2003 بغياب الجمعيات الثلاث والمحسوبين عليها في الجمعيات الأهلية وبعض الشخصيات. وقد وقفت السلطة بقوة ضد المؤتمر ومنعت انعقاده في الموقع الأصلي ومنعت الوفود الأجنبية من حضوره، ولكن المؤتمر انعقد في النهاية وخرج بما يأتي:
- قرارات تركز على ضرورة الإصلاح الدستوري الشامل، والنضال من أجله بالوسائل السلمية الدستورية.
- تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ قراراته.
- إطلاق عريضة شعبية للضغط على الحكم لتنفيذ هذه الإصلاحات. وقد لاقت العريضة نجاحا باهرا تمثل في توقيع عشرات الآلاف عليها على رغم الضغوط واعتقال نشطائها. وقد أدى ذلك الى احتقان الشارع وتم حلحلة الموضوع بلقاء بين الملك وممثلي الجمعيات السياسية ترتب عليه إطلاق سراح المعتقلين والبدء في مفاوضات بين الجمعيات الأربع والحكومة ممثلة بوزارة العمل، والتي لم تؤد لنتيجة حتى الآن.
والجمعيات الأربع ماضية في مشروعها وتؤكد انعقاد المؤتمر الدستوري الثاني في فبراير 2005 ومقاطعة الانتخابات النيابية للعام 2006 إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه من دون إصلاح دستوري وقانوني.
هناك جمعيتا المنبر التقدمي وجمعية الوسط، وعلى رغم اختلاف منطلقاتهما الفكرية وتركيبتهما فإنهما تتفقان على ضرورة الإصلاح الدستوري ولكن المحدود من داخل المجلس الوطني بغرفتيه (النواب والشورى) حيث تمثل جمعية المنبر بأربعة نواب (كتلة النواب الوطنيين الديمقراطيين) وهذا من أهم أسباب افتراقهما عن الجمعيات الأربع. ولكن للجمعيتين مواقف قريبة من الجمعيات الأربع فيما يتعلق بالتشريعات المقيدة للحريات، والممارسات المناهضة للإصلاح والحريات العامة وحقوق المواطنين واستمرار المسئولين المعادين للإصلاح.
التحالف السداسي
تشكل هذا التحالف من الجمعيات الأربع المقاطعة والجمعيتين المشاركتين، وذلك اثر صدور دستور 2002، وتم التوصل إلى ميثاق عمل يؤكد ضرورة الإصلاح الدستوري والتشريعي والمؤسساتي والنضال من اجل ذلك بالوسائل السلمية المشروعة. كما تم وضع هيكلية للعمل تتكون من قيادة يتمثل فيها الأمناء العامون وأعضاء إدارتهم، ولجنة متابعة من أعضاء الإدارات.
وقد أدت الخلافات حول المشاركة والمقاطعة للانتخابات النيابية وما بعدها في توقف عمل التحالف السداسي، ثم عاد متقطعاً بعد بروز أخطار جديدة تستهدف الجميع تمثلت في تفعيل قانون الصحافة وقانون الجمعيات السياسية، واعتقال النشطاء السياسيين ومنع فعاليات للمعارضة. ويلتقي التحالف السياسي على بعض الملفات مثل محاربة الفساد والتمييز والبطالة، وقانون الصحافة ومشروع قانون الجمعيات السياسية.
هناك طبعاً تباينات تجاه بعض مفاصل المشروع الإصلاحي داخل التحالف الواحد (التيار السني، التيار الشيعي، التيار الديمقراطي، التحالف الرباعي، والتحالف السداسي) بشأن قضايا كثيرة ومنها دور الشريعة الإسلامية هل تكون المصدر الوحيد أو مصدرا اساسيا. وقانون الأحوال الشخصية إذ عارضه بقوة التيار الإسلامي الشيعي وبتحفظ التيار السني، وأيده بقوة التيار الديمقراطي، والإصلاحات المطلوبة وعمقها ومداها وملفات الفساد والتمييز والبطالة، والتجنيس حيث اعتبرها التيار الإسلامي السني مشروعة فيما عارضه البقية وعارضها بقوة التحالف الرباعي.
ويمكن رصد توافق الجمعيات السياسية المشاركة في البرلمان من خلال مواقف كتلها النيابية ونوابها في البرلمان. ويمكن القول إن الشارع في البحرين وخصوصا الجمعيات والشخصيات السياسية منقسمة بين من يطرح أن المشروع الإصلاحي يراوح مكانه أو بدأ بالتراجع منذ إصدار دستور 2002 وما تبعه من حزمة قوانين، وإقامة مؤسسات ظاهرها دستوري مثل مجلسي النواب والشورى والمحكمة الدستورية والنيابة العامة وديوان الرقابة المالية ومحتواها تابع للحكم.
ويدلل هؤلاء على صواب منطقهم في صياغات الدستور والتشريعات وهياكل هذه المؤسسات وشخوصها. واستمرار بعض كبار المسئولين من المرحلة السابقة في مواقعهم، وإعطاء الحصانة لمن ارتكب جرائم بحق الشعب، ونهب المال العام وأراضي الدولة من دون وجه حق، واستمرار سياسة الامتيازات والتمييز وسياسة التجنيس السياسي وإضفاء شرعية على ذلك.
إن المشروع الإصلاحي ماض ويواجه عثرات، ويعود ذلك الى مقاومة من داخل النظام، وتخريب من قبل قوى المعارضة الفاقدة للصبر، ويطالب هؤلاء بتعزيز المشروع الإصلاحي بالالتفاف حول الملك والمشاركة السياسية من داخل المؤسسات وضبط إيقاع المعارضة.
أقلية تتحين الفرص للإعراب عن تبرمها مما تصفه بانفلات الأوضاع والتطاول على رموز الحكم وتقاليده وهذه لا ترفض المشروع الإصلاحي صراحة لكنها لا تؤمن به.
الخلاصة
- ان المشروع الإصلاحي في البحرين يظل مشروعا قابلا للتحقيق أو التراجع، وهو أصلا مشروع إصلاح محدود وليس جذريا.
- أن مواقف أهل النظام متباينة تجاه ضرورة المشروع أصلاً، ومتباينة حول مداه وشموليته، وليست هناك كتلة قوية تؤمن بمشروع إصلاحي جذري، كما أن القوى السياسية والاجتماعية متباينة في فهمها للإصلاح ومحتواه والوقوف من المشروع الإصلاحي المطروح.
وعلى رغم الحماس الرسمي لمشروعات الإصلاح الاميركي والأوروبية، كما تمثلت في مشاركة البحرين في قمة الثماني في جورجيا بالولايات المتحدة هذا العام وتقديمها وثيقة مؤيدة لذلك، الا أن ذلك لا يعكس قناعات عميقة وإنما توافقاً مع الدولة الحليفة الولايات المتحدة، والتي تدعم ما يجري في البحرين باعتباره نموذجا للإصلاح المطلوب.
كذلك الأمر بالنسبة إلى القوى السياسية: مواقف متباينة من المشروع الإصلاحي الغربي. فالقوى الإسلامية السنية ترفضه، والقوى الشيعية تقبله بتحفظ، والقوى الديمقراطية تؤيد محتواه بقوة وتعارض ربط الإصلاحات الداخلية بالتوجيهات الخارجية
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 775 - الثلثاء 19 أكتوبر 2004م الموافق 05 رمضان 1425هـ