بدأت مساء أمس الأول (18 أكتوبر / تشرين الأول) فعاليات مسابقة المرحوم الحاج حسن العالي الثقافية الأولى التي ينظمها مركز بوري الثقافي والرياضي وصندوق بوري الخيري، وتستمر المسابقة التثقيفية التي يشارك فيها أكثر من ثلاثين فريقا حتى24 أكتوبر الجاري.
في 5 سبتمبر / أيلول 2003، انتقل الحاج حسن إلى رحمة الله، وحتى حينها كان الحديث عنه أقل بكثير مما هو الحديث عنه الآن، وأبناؤه عقدوا العزم على مواصلة درب والدهم برعايتهم للأنشطة الخيرية وبعيدة المدى (مثل السكن والتعليم)، ولذلك فإن القرى تشهد حاليا أول مسابقة بهذا الحجم يشارك فيها الكثير من الفرق ممثلين عن مؤسسات من مختلف ناطق البحرين.
وفي الأيام القليلة الماضية صدر كتاب توثيقي عن حياة الحاج حسن بعنوان «مسيرة خير وعطاء مستمرة»، وهو يكشف جوانب من حياة المرحوم الذي بدأ حياته العملية في سن التاسعة فقيراً يعمل في الفلاحة لكسب المعيشة له ولوالده وعائلته، وكان يقضي طوال النهار في العمل، والليل في التنقل من مكان إلى آخر وكان يستغل أقل فرصة لأخذ قسط من الراحة. وبعد ذلك انتقل إلى العمل في النورة والفخار ومن ثم سياقة الشاحنات، وبعد ذلك أصبح الحاج حسن الذي نعرف عن آثار حياته قبل وبعد مماته.
لعل الحاج حسن هو الأكثر شهرة بين أبناء القرى إذ بدأ حياة متواضعة ومن ثم أصبح من اثرى أثرياء البلاد، ولكنه بلا شك الاكثر شهرة أيضا في مجال أعماله الخيرية. فهو، لم ينس أصله ولم يتكبر على أهل قريته أو أهل القرى الآخرين واعتبر نفسه حليفًا للمستضعفين يخدمهم بطريقته الخاصة، والتي ثبت أثرها مع الزمن.
ترى كم من أصحاب الثراء والملاءة ممن يراجع حساباته حاليا وينظر الى هذه الدنيا الفانية ويسارع الى تخليد ذكراه وارضاء ضميره عبر مساندة المحتاجين والأقل حظاً منه في هذه الدنيا؟ ماذا يضير لو ان كل واحد من الأثرياء التفت إلى الصندوق الخيري في منطقته والى المؤسسات التي ترعى المجتمع وتبرع اليها باستمرار وبحسب خطة واضحة كما كان يفعل الحاج حسن؟
هناك عدد من الأثرياء ممن يفعل ذلك، ولكن ماهو واضح ان الجهود ليست بالحجم المتوقع. فالبحرين لها تاريخ ناصع في التكافل الاجتماعي، وعندما زادت الضائقة المالية على الناس في نهاية الثمانينات من القرن الماضي سارع الجميع لتأسيس صناديق خيرية لمساندة الفقراء ودعم الأسر وذلك بعد أن عجزت الحكومة عن ذلك. والآن وبعد 15 عاما من العمل الناجح من خلال الصناديق الخيرية، برزت الحاجة الى ان تتحول الصناديق من دور بسيط (إعانة الفقراء) إلى لعب دور أساسي في التنمية الاجتماعية. ولذا سعت الصناديق إلى تأسيس اتحاد لتحويل هذا الامل الى واقع، ولكن اعترضت المؤسسين معوقات وزارة العمل التي قالت انها بانتظار قانون يسمح بذلك (وهذا يعني الانتظار ما بين 5 و 10 سنوات)، كما اعترضتهم المعوقات المذهبية التي تمنع - في نظر البعض - اتحاد صناديق الخير من الطائفتين.
لماذا لا نكلل عمل الحاج حسن من خلال دعم الوحدة بين الصناديق من أجل كل ابناء الوطن؟ ولماذا يؤمن البعض بأن الخير ينحصر في طائفته فقط؟ وهل هذا من الدين في شيء؟ ولماذا تضع وزارة العمل العقبات امام اقامة الاتحاد؟ أسئلة كثيرة بحاجة الى أجوبة والى جهود مماثلة لجهود الحاج حسن رحمه الله
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 775 - الثلثاء 19 أكتوبر 2004م الموافق 05 رمضان 1425هـ