في تنازع الخبر والصورة والمساحة المتاحة على الصفحة الأولى، انتصرت الصورة على كل المتنافسين الآخرين... عبدالهادي الخواجة يحوط به رجلا شرطة، ويداه مغلولتان بقيد فولاذي لاشك قاسٍ على المعصمين في انتظار أي حركة غير أنيقة من قبل المقيَّد ليذكره بأن القيد لا يزال هناك.

ليس الأمر في وارد صحة أو خطأ ما فعله الخواجة أو ما قاله الأمر الذي أودى به إلى الأيام الخمسة والأربعين وما سينطق به القاضي، فهناك قضية وقضاة ونيابة ومحامون، وليس للأمر علاقة بما يختلف معه الناس فيما اتخذه من مواقف وما أطلقه من تصريحات أو يتفقون، ولكن كلما تركزت العين على القيد يعود السؤال: أليست هناك من طريقة أكثر مدنية من سوق الخواجة مكبلاً بالقيود ذاتها التي قد تكون استخدمت من قبل لإيقاف منتهك عرض أو لص أو مجرم أو مشترك في «هوشة» لمجموعة سكارى؟ ألا يكفي كل هذا الحشد من رجال الشرطة لحمايته، أو ربما «حماية المجتمع منه» في رأي آخرين، حتى يقاد مصفّداً هكذا؟

الخواجة يواجه اليوم تبعات رأيه الذي اختاره بوعي وعبّر عنه بقناعة، هذا الرأي أعجب أناساً، فأتوا بالأمس يناصرونه أمام القضاء، وأغضب أناساً، فأرسلوا برقيات الاستنكار وباحوا بمكنونات الأشعار، وجعل أناساً آخرين بين ساخط ومتعاطف بشأن التوقيت الذي أسهم في خلط الملفات وتوفير فرجة للتغطية والتعمية على مشروعات أهم تصب في الشأن الذي جرت فيه الندوة (الفقر)، إلا أن ما فعله - في النهاية - لم يكن نتاج يده لتغلّ هكذا.

ليس الأمر في الأغلال في حد ذاتها، ولكنه في الطريقة غير المستقيمة مع التهمة، وإذا سألتَ قيل لك إنها الإجراءات، وسيقَ كلامٌ كثير عن «عبدٍ مأمور» لا يمكنه أن يخالف الأوامر، لأنه نفسه مقيدٌ أيضاً ولا رأي له إن طُلب منه أن يكبّل رسغَي حقوقي، ويبخّر بشوت منتهكي الحقوق