العدد 773 - الأحد 17 أكتوبر 2004م الموافق 03 رمضان 1425هـ

«السلف الصالح»... هل صاحبنا صالح؟!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

دبج أحد الإخوة مقولات مجتزأة في «كيفية معاملة الحكام» و«طاعة ولاة الأمر». وبعد أن نفدت الوسائل، وغُلقت الأبواب، ولم يجد صاحبنا مكاناً وسط الزحام والركام «أما الخبيث فيركمه»، ولا أعلم إن كان عدم حضوره المناسبة بسبب أن «الجمع» لم يوجهوا إليه دعوة إلى حضور ذلك التهريج، أم بسبب «...»!

المهم أن «الربع» لم يتركوا مقعداً شاغراً له، فأبت نفسه (وهكذا هي «الشيم» و«النخوة» التي تفعل فعلها في المواقف الحرجة) أن يفوت فرصة «التزلف الملق» في وسط الأجواء «الأراجوزية»... فكبرت المسألة في رأسه، كيف يستفيد من الفرصة؟ وتوصل إلى أمر مهم، وراح يفرغ ما في جعبته، من مجتزآت ومجترآت من أحاديث النبي (ص) وضمنها مقالات مديح لم نسمع عنها ولا في عمر بن عبدالعزيز رحمه الله! ومع ذلك فإنه لم تشف غليله ولم يرتح دليله، ومادامت الفرصة قائمة فلماذا لا يستفيد أقصى الاستفادة منها، وأراد أن يستثمرها إلى أبعد الحدود... ففكر ملياً وإذا به يخرج علينا «بفنتك» جديد، مستغلاً صندوق جمع الزكاة والصدقات لطباعة كتيب خاص بالمناسبة (الفرصة) التي حاول جهده فيه إظهار ما تم «تلقينه» من أحاديث نبوية وبفهم سقيم غير متكامل مع غيرها من أحاديث وتفاسير ومواقف للسلف الصالح.

تناسى صاحبنا مواقف السلف الصالح (سعيد بن جبير مع الحجاج الثقفي، والفضيل بن عياض وسفيان الثوري مع هارون الرشيد، وأبوحازم وسليمان بن عبدالملك، وشريك بن عبدالله والأمير موسى بن عيسى، وإمام أهل السنة أحمد بن حنبل مع المأمون والمعتصم، والإمام الشافعي مع الرشيد... وغيرهم كثير) المهم في الموضوع أن صاحبنا بطريقة متحضرة وقاسية يجتزئ الأحاديث النبوية مع ما يتوافق مع «فرصته التي لا يريد تفويتها»، وإلا فأين علماء السلف هؤلاء عن صاحبنا هذا؟

إن القول بأن إنكار المنكر والأمر بالمعروف والنصيحة يجب أن تكون للولاة والمسئولين سرية! ولا يعلم بها أحد! هذا قول ينقضه واقع ما نقلناه من مواقف عن السلف الصالح مع الولاة والأمراء، ولو كان الأمر سراً لما وصلتنا مناظراتهم بجليلها ودقيقها، وما علمنا بصولاتهم وجولاتهم على الباطل وأهله، ومواجهتهم لأصحاب الصولجان والسلطة والنفوذ.

لا يتعب كثيراً من يريد اجتزاء نصوص من السنة النبوية، إذ حتى القرآن الكريم حمّال أوجه، ويقوم بعملية ليَ عنق النصوص بما يتوافق مع هوى في نفسه أو مصلحة من مقاعد وثيرة وأعطيات وفيرة، ولكن هذا الإنسان حتماً ملاقٍ ربه، وسيأتيه بما قدمه من مبررات وتسويفات لا تمت إلى الدين أو فهم السلف الصالح بصلة، وهذا من البهتان الكبير الذي يجري تسويقه واستهلاكه وتثبيته في عقول صغار طلبة العلم من قبل شيخ دين أو إمام أو خطيب جامع. فكلمة الحق أحق أن تقال، فإنه دين وانظر في دينك لترى عاقبة أمرك، فمن أرضى الناس (ومنهم الحكام) بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.

إن عمليات «التشويه» لدين الله هي أقبح من أن يأنس عاقل غير مسلم بها فضلاً عن أن تنطلي على عقلاء المسلمين الذين يعرفون دقائق دينهم ومواقف أئمتهم وسلفهم الصالح... والسؤال: يا سلفنا الصالح هل صاحبنا صالح؟

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 773 - الأحد 17 أكتوبر 2004م الموافق 03 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً