يبتدئ شهر رمضان فيلتجئ الناس إلى ربهم، يبتعدون قليلاً عن آلام السياسة ووجع الوزارات وهمومها... كنت أفكر في ذلك أنا أيضاً وأنا اصافح شهر رمضان في يوم الجمعة. لكن الوجع اليومي مازال يصر على أن يأخذ بيدك إلى حيث آلام الوزارات ومشكلات الناس وما يعانونه من البيروقراطية في بعض مؤسساتنا. والغريب في كل ذلك ان الكثير من المسئولين أو أصحاب المصالح في مؤسساتنا يريدون أن يوظفوا ويتعاطوا مع الوزارات وفق امزجتهم الشخصية من دون أية رقابة أو محاسبة وكأنها مزارع خاصة وهذا ما لا يمكن قبوله. أعطيكم مثالاً: وزارة الصحة كعكة الوظائف المهمة فيها قُسمت... ناقشت الأمر وإذا بالكتّاب يخرجون من تحت القبور ليقذفوا مقالاتي بالحجارة... ضحكت لأني اعتبر هذه الزوبعة مجرد زوبعة في فنجان لأني أسير الحقائق وليس الإشاعات على رغم أن المثل يقول: «الإشاعة أقوى من الحقيقة وخصوصاً في مجتمع شرقي تبنى تصوراته على العاطفة والسياق الجمعي».
هذه الحجارة تزيدني صلابة وأصبحت كتاباتي مصفحة ضد الصدمات. لماذا؟ الآن أقول لكم. هل تذكرون ما كنت اكتبه عن الأوقاف الجعفرية من ان هناك أعضاء قفزوا على القانون واستفادوا من الصلاحيات؟ هل تذكرون أزمة المكيفات وأزمة الإيجار الرخيص والمزارع المؤجرة بسعر التراب والمناقصات التي ترسو على بعض المقربين... في ذلك الوقت القيت على كتاباتي الحجارة، وقبل أسبوع راحت احدى الشخصيات الشيعية القريبة من هذا المناخ تصب جام غضبها على موقفي من الأوقاف، وحينها ذهب البعض إلى المجالس والحسينيات وهو يلعن الكتابات التي كتبت إلا أنه تفاجأ بأن الناس يقولون له: ان الكتابات كانت مرقمة وموثقة ودعيتم إلى مناظرة علنية أو إلى رد في الصحافة وكلكم صمتم... الخ أقول كل هذا الضغط لم يغيّر موقفي من الملف وكنت أرى هذه المواقف محاولة لليّ عنق الحقيقة وتشويش فكر الناس... كانت مجرد زوبعة في فنجان.
أقول: بعد كل ذلك ها هو المجتمع البحريني يلحظ وعبر الصحافة كيف تحول الأمر في قضايا الإيجار، إذ تضاعفت الايجارات عشرات المرات وبدأت الإدارة تربح أموالاً كبيرة وتنشر ذلك عبر الصحافة فرحة مسرورة بهذه الإنجازات. وهنا أسأل كل الذين صمتوا وكل الذين غضوا الطرف وكل الذين رشقوا الكتابات بالحجارة: هذه الأموال الطائلة من الذي ربحها؟ أليست وقفيات الإمام الحسين والائمة (ع)؟ ولو ان الجميع تحرك ودافع عن الملف لأصبح الوضع أفضل ألف مرة! وأنا أقول للأوقاف: ان الملف لن يترك حتى تصحح كل الأمور.
بعض الكتّاب عتب عليّ عندما دعوت إلى تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في «ألبا» على رغم انه صديقي وأنا أقول هنا: ارجعوا إلى كل الكتابات... فقد طالبت بذلك في شركة بتلكو وفي بقية الشركات ودخلت في معارك صحافية مع معهد البحرين للتدريب وكذلك مع وزارة الصحة والتربية والبلدية والاقتصاد، وراح الكتّاب يرجمون هذه المقالات بالحجارة. أنا أحب كل البحرينيين بلا استثناء ولست مستعداً للتنازل عن مبدأ تكافؤ الفرص فهو مبدأ إذا طبق فسيطبق على الجميع وسيربح الجميع. وهنا أدعو كل اخوتي من كل الأطياف إلى ان يساعدوني في ذلك لنربح البحرين.
وختاماً أقول من يريد ان يعتب عليّ فليرجع إلى ملف الأوقاف وليقرأ 70 مقالاً. واعتقد انه إن كان منصفاً وموضوعياً فسينصف كتاباتي. وأقول أخيراً دعونا نبني دولة الإنسان لا دولة الطائفة ولكي نبنيها لابد ان نعترف بوجود سرطان التمييز والمحسوبيات، والاعتراف يحتاج إلى مترافعين لا يهمهم زعل المسئول ولا تصفيق الجمهور. ما دمت مواطناً امتلك الكفاءة والولاء للوطن فمن حقي ان أدخل كل مؤسسة وكل وزارة وان اتقلد أي منصب وان احصل على كل امتياز وان اطالب بهذه الحقوق وفق الأطر السلمية سواء كنت اسلامياً أو ليبرالياً أو مسيحياً.
حقيقة، تضحكني الردود وتذكرني بقصص «حبابة». إن قول: «سمعت، ويقال» لا وجود لهما في لغة العصر، فالعصر يقدس الحقائق والأرقام المثبتة بالوثائق لا التي تطلق هكذا
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 772 - السبت 16 أكتوبر 2004م الموافق 02 رمضان 1425هـ