كيف يمكن فهم تكليف جلالة الملك لنجله سمو ولي العهد بإجراء «حوارات أشمل وأعمق بشأن المستقبل؟» هل يشمل الحوار كل الملفات؟ وهل سيشارك فيها الجميع؟
بالنسبة إلى السؤال الثاني، يبدو الخطاب واضحاً في الحرص على إشراك الجميع حين يقول: «وحرصاً منا على مساهمة مختلف القطاعات الوطنية من التجار والعمال والجامعيين والكتاب ومؤسسات المجتمع المدني، وإشراك عامة المواطنين والمواطنات...». بيد أن ذلك لا يعني، مطلقاً، أن ذلك سيتحقق بالقدر المأمول. فأي توجيه يحتاج كي ينفذ إلى توافق ووضوح رؤية وآليات عمل. وفي أحيان كثيرة، فإن اللجان المشكلة لدارسة موضوع ما ليست ممثلة للواقع لأسباب أو أخرى، ولعل في تشكيلة مجلس الشورى أبلغ دليل على ذلك. لكن تجربة ولي العهد تبدو مبشرة بالخير على هذا الصعيد، وهو ما تجلى في ندوتي سوق العمل.
أما بشأن الملفات التي ستشملها الحوارات، فإن السؤال الأهم، بالنسبة إلى الجمعيات الأربع، يتعلق بمدى شمولها المسألة الدستورية التي تتباحث بشأنها مع الوزير مجيد العلوي.
من ناحية نظرية، لا يمكن استبعاد أية ملفات من الحوار، ذلك أن الخطاب لا يحدد ملفات بعينها، وإذا جاز «التأويل» فإن التكليف قد ينسحب على الحوارات الدستورية، بيد أن المعلومات المتوافرة من مصادر مطلعة لا تشجع هذا المنحى. ويتوقع أن تركز حوارات ولي العهد على ملفات ثلاثة، يراها أولوية: إصلاح سوق العمل، الإصلاح الاقتصادي والتعليم والتدريب، ويبدو ذلك منسجماً مع كون وزير العمل يضطلع بمهمة الحوار الدستوري، «مفوضاً من طرف القيادة السياسية»، وهو أحد مطالب المقاطعين.
عموما، إذ كان من حق المقاطعين المطالبة بألا تتجاهل الحوارات الدستور، فإن من حق الأطراف السياسية الأخرى أن ترى أن أموراً غير الدستور تستحق أن تكون أولوية. وربما يكون من المهم دعم مبدأ الحوار، وخصوصاً في القضايا الحساسة التي اقترحها ولي العهد، علها تكون عرفاً في حل القضايا محل الخلاف، وعلى رأسها القضية الدستورية
العدد 772 - السبت 16 أكتوبر 2004م الموافق 02 رمضان 1425هـ