منذ أن أطلق سمو ولي العهد مبادرته بشأن «تحرير سوق العمل» لم تتوقف النقاشات في صفوف رجال الأعمال بشأن مستقبل الاستثمار في البحرين في ضوء التحولات التي ستعرفها البحرين جراء تنفيذ ما جاءت به الدراسة من اقتراحات وحلول.
ليست سوق العمل بغض النظر عن الحلول المطروحة لها سوى إحدى قطع شطرنج الاقتصاد البحريني، والكل يعرف أن الفوز في الشطرنج لا تحققه نقلة ذكية أو موفقة ما لم تكن مبنية على استراتيجية متكاملة تحكم كل نقلة وليس نقلة واحدة فقط.
واليوم ما نشاهده على ساحة التخطيط الاقتصادي - هذا إذا افترضنا أن هناك خطة - يثير الارتباك في صفوف الجهات التي ترغب في الاستثمار في السوق البحرينية. فحتى الآن يصعب على أي منها - أي تلك الاستثمارات - التكهن بأي اتجاه تبحر سفينة خطة التنمية البحرينية. هل هي في اتجاه تطوير سوق سياحية متطورة تستقطب السياح من مختلف أنحاء العالم باختلاف متطلباتهم ورغباتهم، أم انها على طريق بناء صناعة تحويلية متطورة تستقطب رؤوس الأموال الباحثة عن موقع لصناعة تحويلية طويلة المدى لكنها ذات مردود ربحي مضمون لأنها مبنية على رؤية متكاملة تبدأ بتوفير البنية التحتية وتعرج على القوانين والتشريعات ولا تقف عند حدود الترويج والتسويق، أم انها بصدد بناء اقتصاد خدمات متطور يوفر خدمات متقدمة لا تقدمها أي من الأسواق المجاورة؟
وقائمة الخيارات طويلة وعلى الذكي الحصيف أن يختار منها الملائم الذي يناسب واقعه وإمكاناته ويعطيه موقعاً مختلفاً يبز به منافسيه.
في غياب مثل هذه الرؤية الاستراتيجية تكون سوق البحرين كسفينة يقودها قبطان بغض النظر عن كفاءته ومهاراته وخبرته وحسن نواياه لا يمتلك البوصلة التي توصله إلى المكان الذي يقود سفينته نحوه. ولذلك فحتى لو شاءت الصدفة وحدها وأوصلته إلى ذلك الميناء فمن الطبيعي أن يكون ثمن الوصول باهظاً والطريق طويلة، وليس من المستبعد أن يسبقه آخرون إليها.
وإذا عدنا إلى السوق، ففقدان البوصلة إن صح القول ستكون له انعكاسات سلبية على الصعد كافة:
الاستثمارات الأجنبية ستكون مترددة في دخول سوق البحرين خوفاً من المجهول.
رؤوس الأموال المحلية ستتسرب إلى الخارج بحثاً عن سوق أكثر أماناً تحسباً لأية هزة غير متوقعة في السوق المحلية.
اليد العاملة الماهرة والعقول الكفؤة ستتجه هي الأخرى نحو الخارج بحثاً عن فرص عمل أكثر استقراراً.
والمحصلة النهائية سفينة تسيرها عفوية الربان ودعوات وابتهالات من على ظهرها علها ترسو على بر الأمان الذي قد يكون أقرب إليها من حبل الوريد لكنها غير قادرة على الوصول إليه لأنها لا تمتلك البوصلة التي تهديها إليه
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 772 - السبت 16 أكتوبر 2004م الموافق 02 رمضان 1425هـ