العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ

إرهاب الشهر الفضيل

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

قالوا لها: إلى متى ستبقين على خصام مع «فلانة»؟... قالت: إلى الأبد، فما عدت أرغب في صحبتها وخصوصا بعد ما بدر منها من إساءة إليّ، لا أظن أية واحدة في مكاني ستهضمها هكذا من دون أن تلعن اليوم الذي تعرفت فيه إلى هذه الإنسانة!... قالوا: ولكن شهر رمضان الكريم مقبل، وإن بقيت على خصام معها فإن الله سبحانه وتعالى لن يقبل صيامك، بل ربما يحاسبك على هذه القطيعة، فلتكوني أفضل منها فـ «خيركما من يبدأ بالسلام»... أحنت رأسها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، ثم رفعت رأسها وعيناها يشع منهما بريق دموع تحاول جاهدة منع نفسها من الظهور للعيان وقالت على مضض: حسن سأكلمها، ولكن فلتعلم وتعلمون أن هذا لا يعني أبدا أني صفحت عنها كليا وأن تعود المياه إلى مجاريها ونرجع كما كنا في السابق أختين لا يميز أحد بينهما!

شخص آخر ما أكثر كذبه، وإن كان لا يقصد من ذلك إلا إضفاء نوع من المرح على أجواء التجمعات الثقيلة التي عادة ما يجبره أهله على الانضمام إليها والمشاركة في أحاديثها التي من وجهة نظره تبعث على الكآبة والملل... وعلى رغم كذبه فإن أصحابه هؤلاء كانوا يستأنسون بكذب صاحبنا بل ويتشوقون إلى «قفشاته» الظريفة... إلا في هذه الجلسة فقد اجتمع الجميع على نهره عن الكذب والمزاح لأن شهر رمضان مقبل بعد أيام فيجب على صاحبنا أن يلتفت إلى نفسه ويتلاحق عمره إذ «لعن الله الكاذب ولو كان مازحا»، فعليه أن يترك الكذب على الأقل إلى حين انتهاء الشهر الفضيل لكي يتقبل الله صيامه!... وعلى رغم صعوبة المهمة على من تعوّد العيش بنمط معين لفترة طويلة، رضخ صاحبنا لطلبهم، ولأنه ينوي بكل صدق أن يكسب أجر هذا الشهر!

أخوات لنا لم يعرف الحجاب طريقا إلى شعورهن، ولكنهن تحت رغبة مسايرة الجو العام وتجنب غضب الخالق الذي قيل إنه يتضاعف في شهر رمضان، سارعن إلى تغطية شعورهن وقررن منح أجسادهن التي يبدو أنها تعبت من التزين طوال الأشهر الفائتة إجازة للراحة تحت عباءة سوداء فضفاضة! الكل في حال استنفار وتأهب للشهر الكريم وكأنهم يجهزون أنفسهم لمبارزة عدو عرف عنه الجبروت الذي لا يستطيع أحد أن يغلبه!... شهر رمضان شهر خير وبركة ورحمة فلما ساويناه بالإرهاب ولما نحن في خوف منه وما إن يفارقنا حتى كأن هما أزيح من على صدورنا فـ «تعود حليمة إلى عادتها القديمة» وكأن شيئا لم يكن!. لا أظن أن الله سيحاسبنا على خطايانا في هذا الشهر فقط ولكنا على ما اعتقد نمني النفس بغفران جميع ذنوبنا في شهر هذه أهم سماته... والسؤال: هل ستبقى «نياتنا» على حالها في طلبها للمغفرة بعد الشهر الفضيل فتجاهد لنيل الرحمة من الخالق في كل شهر؟

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً