أصبح التلفزيون عدة الألم الضرورية، التي تلزمنا لمتابعة الفيلم الأميركي الطويل، الذي لا ندري متى ينتهي... وأين، بل لفرط إدمانه، ما عدنا ندري أين نوجد بعدما أصبحنا نقيم في مدن العراق جميعها؛ فتحت شعار «مذابح الديمقراطية» انطلقت آلة الحرب العدوانية الأميركية البريطانية على العراق، مفتقرة لأي أساس قانوني أو أخلاقي، ومنذرة بكارثة إنسانية يتحمل تداعياتها المباشرة الشعب العراقي.
سقط القناع الحضاري، وظهر وجه أميركا الحقيقي، ليثبت لكل الذين كانوا مقتنعين بسياسة واشنطن العادلة، من دون تخصيص، أن السياسة التي تتبعها هدفها السيطرة على العالم، وتسخيره لخدمتها.
ولعل المذابح التي وقعت في العراق تؤكد ذلك، وتسقط قناع واشنطن بعد أن أوهمت العالم بأنها جاءت، انتقاماً لحوادث سبتمبر/ أيلول 2001، ولكي تقوم بإرساء الرخاء، وإقامة العدالة، ونشر الديمقراطية. وبدلاً من قيامها بنشر الديمقراطية، استبدلتها بانتشار المجازر، وبدلاً من الاحتفالات بالتخلص من الدكتاتورية، ظهرت الجنائز اليومية للشهداء.
وبالتالي اقتنع العراقيون بأنه لا يوجد احتلال ديمقراطي، وأن ما يجري الآن مذابح من أجل ديمقراطية مزيفة. هذه المجازر، جاءت بسبب محاولة الاحتلال فرض هيمنته، وتبين أن الذي يقف وراء المقاومة هو الشعب العراقي، إذ فشلت كل محاولات الاحتلال في إقناع هذا الشعب، والرأي العام، بأن الذين يقفون وراء هذه المقاومة هم: صدام حسين، وحزب البعث، والزرقاوي، ومقاتلون أجانب يأتون عبر الحدود وغيرهم، كما تبين للجميع الآن أن الشعب العراقي هو الشعب الذي يقاتل المحتلين من أجل حريته واستقلاله وكرامته.
تعددت القنابل وأسماء سلالاتها، لكن الموت بقي واحداً، لأن من يستشهدون، هم «إنسان» واحد بأسماء مختلفة، مادام القاتل هو الذي يوحدهم لأنه يستهدف كل فرد منهم (العربي) وليس فلاناً أو فلانة! ألا يكفي هذا وحده لإفزاعنا، وتنبيهنا بأنهم جميعاً مطلوبون، وأن من لم يصله الدور حتى الآن، سيصله بعد عام
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 771 - الجمعة 15 أكتوبر 2004م الموافق 01 رمضان 1425هـ