عندما ولي عمر بن عبدالعزيز أمر المسلمين، احتار في من يختار من القائمين على أمر الناس، فقد خبر الفساد والظلم الذي أشاعه من كان قبله، فاستشار صاحبه الذي قال له (ما معناه): «إن اخترت أهل الدين أضاعوا على الناس دنياهم، وإن اخترت أهل الدنيا انكبوا عليها وأضاعوا عليك آخرتك، ولكن اختر أهل البيوتات، الذين إن لم يردهم دينهم، ردهم حسن أدبهم وتربيتهم».

الدنيا اليوم صارت أكثر تعقيداً من مجرد سمو التربية وحسن الأدب، وقد لا تجد أجمل لساناً ولا أطيب عشرة من منافق حديث أو أفّاك، وقد تصل إلى أنفك رائحة السرقة التي قام بها شخص ما لعقود طويلة قبل أن تصل إليك روائح الأطياب التي تعطر بها من مال حرام.

ولكن مشكلتنا في البحرين أن يتردد بين الناس - بنوع من التسليم للأمر الواقع - أنه من المعروف أن مسئولاً ما يداه ملوثتان بالسرقات، ولكنه ممتاز في مجاله، وكأن البحرين عقمت عن أن تنجب له ثانيا، أو كما يعبر اللبنانيون «الله خلقه، وكسر القالب»، وهذا ما خلق لدينا «قائمة مقدسة» بالمسئولين والخبراء، لا تتجاوزهم التغييرات الوزارية، ولا التعيينات البرلمانية، حتى لا يمكن أن يتصور أحد البحرين من دونهم.

مشكلتنا الأزلية في البحرين، أنه لا يتم البحث عن الكفاءة لكي توظف في مكانها المناسب، لأن الكفاءات غالباً ما تحترم نفسها ومكانتها العلمية، وبالتالي، فهي لا تنحو إلى التزلف والرقص الرخيص أمام أعين المسئولين لكي يتم الالتفات إليها وتعيينها في مناصب لا تستحقها، وبالتالي، فهي لا تحجب فقط فرصة الكفاءات الحقيقية، بل وتدمر المسئولية التي تليها