هو شاب قهر الإعاقة، كافح في الحياة حتى دخلها من أوسع أبوابها. ولم يأبه بالصعوبة التي يواجهها في المشي، ولم يأبه بالقيل والقال. حمل همومه، وإعاقته والتحق بجامعة البحرين، وأنهى الدارسة في الفترة التي يستغرقها كل صحيح مجد.
ولطالما حلم عبدالخالق بوظيفة في وزارة التربية والتعليم كما حلم ويحلم غيره ممن انخرطوا في تخصص الخدمة الاجتماعية. يقول صديقه محمد: «كنت ملازما إلى عبدالخالق على الدوام، وكان قوي الإرادة، لم ييأس يوما من الأيام، وعندما يتحدث زملاؤه عن التخصص وصعوبة إيجاد فرصة عمل، خصوصا مع تصريحات المسئولين بالفائض الكبير في هذا التخصص، فإن عبدالخالق دائما ما يهدئ من روع زملائه ويبشرهم بأن الله لن يضيع من جد واجتهد».
وتمضي السنون من دون توقف، ويقترب عبدالخالق وزملاؤه من إنهاء الحياة الجامعية، وبدأ القلق يأخذ مأخذه منهم، ويحاول عبدالخالق أن يخفي هذا القلق. يواصل محمد «على رغم القلق الذي انتاب عبدالخالق في سنته الأخيرة، فإن روح الدعابة لا تفارق محياه، ودائما ما يلهيك بحديثه وتبدو الساعات الطوال قصيرة معه... ولكنه فقد شيئا من روحه عندما واجه الحقيقة المرة، التي وقعت على رأسه وقوع الصاعقة، تخرج زملاوه، وعمل معظمهم، ولكنه بقي جليس الدار».
واستطرد محمد «كنا نراجع وزارة التربية والتعليم، وكنا ندخل على مسئول تلو المسئول، ولكن لم نجد إجابة شافية. ودائما ما يرد علينا المسئولون بأن أوراق عبدالخالق موجودة، وحين تتاح الفرصة سنقوم باستدعائه. ولكن عبدالخالق لم يستسلم، وأخذ يتردد على الوزارة بين الفينة والأخرى، وبعد جهد جهيد اتضح لنا سبب الرفض، وعدم قبول عبدالخالق في الوظيفة التي هي أبسط حق من حقوقها بعد أن أفنى حياته في الدراسة وطلب العلم».
يقول عبدالخالق: «دخلنا على أحد المسئولين في وزارة التربية والتعليم، وسألني، هل تتمكن من ركوب الأدراج في المدرسة، وهل تتمكن من السير من مكان لآخر؟ أجبته بأني أصعد الأدراج أكثر مما يصعدها أي مرشد اجتماعي عندما كنت أدرس في الجامعة، وأتنقل أكثر من أي مدرس، وعلى رغم إعاقتي إلا أنني تعودت على الوضع وتغلبت على الإعاقة في داخلي على الأقل... حينها هز المسئول رأسه بطريقة لم أفهم المغزى منها. وعدنا إلى مربع الصفر عندما قال أن رقم الطلب موجود وعندما نحتاج إليك سنقوم بالاتصال بك».
ويعلق صديقه محمد «أليس من حق أي مواطن على هذه الأرض أن يحصل على وظيفة، ألم يقل جلالة الملك إن من حق الجميع أن يعيشوا بكرامة، ألم يكفل الدستور هذا الحق. ولكننا نجد المسئولين في الوزارة يعقدوا المسألة، وإذا لم يكونوا على ثقة بأن عبدالخالق يستطيع أن يؤدي مهمته على أكمل وجه، ليجدوا له وظيفة أخرى تتناسب مع مؤهله ولا يغادر فيها المكتب... لو كان لدى أحد هؤلاء المسئولين ولد أو قريب في وضع عبدالخالق، هل كانوا سيتركونه بهذه الحال؟».
وناشد عبدالخالق وزير التربية والتعليم التدخل لحل مشكلته، كما ناشد كل المسئولين ليضعوا حدا لمعاناته، وأنهى حديثه قائلا: «هناك معوقون في العالم استطاعوا فعل ما لم يستطع فعله الأصحاء، وسأظل أراجع الوزارة، وسأقرع كل باب مازال مفتوحا، وأرجو من جلالة الملك الذي أخذ على عاتقه حفظ حقوق أبنائه في هذا الوطن التدخل»
العدد 769 - الأربعاء 13 أكتوبر 2004م الموافق 28 شعبان 1425هـ