شهد المهرجان الوطني الذي عقدته ستة جميات سياسية مساء أمس في مركز البحرين للمعارض - احتفالا بذكرى اليوبيل الذهبي لتأسيس هيئة التحاد الوطني - بحضور وزير الزراعة وشئون البلديات محمد علي الستري، توافقا نوعيا بين الدولة والمجتمع على اهمية انتفاضة الخمسينات بالنسبة للتكوين النفسي والاجتماعي والسياسي للبحرين. وكرمت الجمعيات السياسية والوزير السترى عوائل قادة ورواد الهيئة بتسليم هدايا تذكارية الى من يمثلهم من ابائهم، فيما كان المشهد توافقيا ومنسجما بصورة غير معهودة من قبل.
واعتبر الستري انتفاضة 1954 -1 956 التي قادتها الهيئة «حدثا وطنيا هاما» يجب الاحتفاء به من قبل الجميع، بينما دعا رئيس اللجنة العليا لتنظيم المهرجان جلال فيروز إلى انتهاز «الفرصة لنطلق نداء نطالب من خلاله بأن يعتمد يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام يوماً وطنياً يسمى «يوم الاتحاد الوطني»، ليكون هذا اليوم عاما بعد عام مدعاة إلى المزيد من التلاحم الوطني».
وقال فيروز كلمة أشار فيها إلى أن تأسيس الهيئة «يعد من أروع الملاحم التاريخية التي مرت بها البحرين»، وأضاف «ومن المفارقة أن يظل بعض ما طالب به الشعب منذ خمسين عاما غير متحقق على الوجه الصحيح، ومن المفارقة أن يتم تهميش الإرادة الشعبية وألا يملك هذا الشعب حتى اليوم سيادته الكاملة المتمثلة بمجلس تشريعي كامل الصلاحية».
ومن جانبه أكد رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي عبد الرحمن النعيمي في كلمة الجمعيات المنظمة «الدروس والعبر» التي قدمتها تجربة الاتحاد الوطني، معتبرا إياها «أول تنظيم سياسي علني معترف به في منطقة الخليج». وأشار النعيمي إلى «التحديات التي نواجهها على المستوى الوطني العام، أو مستوى العلاقة بين الحكومة والجمعيات السياسية أو بين الحكم والمواطنين، نظرا لكثرة الملفات التي تراكمت طيلة مرحلة قانون أمن الدولة وطيلة عهد الاستعمار، التي أردنا أن يكون عهد الاستقلال مصححا للمسارات الخاطئة فيها سواء فيما يتعلق بالقضاء، أو ما يتعلق بالتمييز الطائفي والعرقي والقبلي، أو ما يتعلق بالفساد الإداري والمالي، إضافة إلى الإشكالية الدستورية الراهنة وقانون الجمعيات السياسية المطروح أمام البرلمان، أو الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة ضد أعرق مؤسسة ثقافية وسياسية واجتماعية في البحرين وهو نادي العروبة، أو ضد مركز البحرين لحقوق الإنسان أو استمرار توقيف عدد من المواطنين لأكثر من شهرين على ذمة التحقيق، او استمرار توقيف الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة».
وأضاف النعيمي «لا ننكر أن بلادنا خطت خطوات كبيرة، وعلى رغم الجهود التي تبذلها الحكومة فإنها عاجزة عن مواكبة طموحات الشعب الذي يصر على المشاركة الحقيقية في صنع القرار، عبر مجلس نيابي منتخب كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية»، ونوه النعيمي بـ «الخطوات الكبيرة» التي أقدم عليها جلالة الملك، ووجه النعيمي نداء الى «جميع النواب والشورويين وجميع المسئولين في الحكم للتخلي عن قانون الجمعيات السياسية التعسفي»، وعبر النعيمي عن دعم الجمعيات الست لـ «جهود ولي العهد للمساهمة في حل مشكلة البطالة والفقر وفوضى السوق، إضافة إلى الدور القادم الذي سيقوم به في الحوارات الوطنية». وأكد النعيمي استنكار الجمعيات لـ «الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال الأميركي البريطاني في العراق»، مجددا وقوف الجمعيات مع الشعب الفلسطيني المناضل.
إلى ذلك ألقى الكاتب الصحافي واحد أعضاء هيئة الاتحاد الوطني المحتفى بها علي سيار كلمة قال فيها «احمد الله لأن الإخوة الذين نظموا هذا الاحتفال شاءوا مشكورين أن أتحدث إليكم باسم هيئة الاتحاد الوطني، لا باعتباري الأحق بتمثيلها وقد أصبحت شيئا من الماضي، ولكن لأن القدر شاء أن أكون الأكبر سنا من الرعيل الذي رافق سيرة الهيئة من لحظة ولادتها حتى نفي قادتها وتشتيت عناصرها، في أعقاب الغليان الشعبي الذي عم البلاد أثناء العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956م، الذي اتخذ جيش الاحتلال منه ذريعة لتفتيت الحركة وإنهاء وجودها، كما أحمد الله أن العمر امتد بي لأرى البحرين وهي تعيش عرسا متجددا، سمته الحرية والشفافية وحكم الفانون، بعد أن اختارت ان تلحق بقطار الديمقراطية باعتباره الخيار الذي لا خيار غيره، في زمن اختفت فيه الحدود وضاقت المسافات وصار فيه العالم قطارا ذا عربة واحدة، ويسير على سكة ذات اتجاه واحد».
الجمري: انتفاضة الخمسينات انتهت بإعلان الطوارئ، والتسعينات بإلغاء «أمن الدولة»
بني جمرة - الوسط
قارن رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري في مجلس الشيخ الجمري مساء الاثنين الماضي بين انتفاضتي الخمسينات (1954 - 1956) والتسعينات (1994 - 1999) وقال ان «انتفاضة الخمسينات هي أكبر انتفاضة يشهدها تاريخ البحرين، وتميزت بان السنة والشيعة شاركوا فيها على مستوى حركة الشارع، بينما كانت انتفاضة التسعينات محصورة في الشيعة على مستوى حركة الشارع». وأشار في معرض حديثه الى الفروقات، ومنها ما يأتي:
- ان انتفاضة الخمسينات انطلقت بقيادة التجار والمثقفين في مدينتي المنامة والمحرق اساسا، بينما انطلقت انتفاضة التسعينات في الريف، وكانت المحرق صامتة (على مستوى شارع مدينة المحرق) والمنامة تحولت من القيادة الى التابع للحركة المنطلقة في مناطق مثل السنابس والدراز وكرزكان والبلاد وسترة.
- بينما كانت ثورة الضباط الاحرار في مصر واحداث قناة السويس واذاعة صوت العرب في القاهرة هي العوامل المؤثرة اقليميا، فان الثورة الاسلامية الإيرانية والحرب العراقية - الايرانية ومابعد تحرير الكويت والإذاعة الايرانية واذاعة البي بي سي هي العوامل المؤثرة في انتفاضة التسعينات.
- واذا كانت بابكو وعمالها محورا اساسيا للتحرك الجماهيري في الخمسينات، فان البطالة كانت هي المحرك لعدد من النشاطات في التسعينات. واذا كان التجار يقودون في الخمسينات، فان التجار في التسعينات اما محايدون أو انهم بصورة عامة سلبيون بالنسبة للتحرك الجماهيري. وهذا يعود الى تكوين رجل الأعمال سابقا، والذي كان يعمل في التجارة ويسافر ويلتقي ويقرأ كثيرا ويتفاعل مع المجتمع، بينما اصبح في السنوات الاخيرة معتمدا على مناقصات الدولة ويخاف على مصدر رزقه ويبتعد عن السياسة او ينضم الى جانب الحكومة.
- في الخمسينات لم يستطع قادة التحرك ضبط الشارع او منعه من التحرش بالقوة المسيطرة على الشأن الدولي آنذاك (بريطانيا)، بينما تمكن رموز التحرك في التسعينات من ابعاد الشارع عن التحرش بالقوة المسيطرة على الشأن الدولي حاليا (أميركا).
- التوجه العام في الخمسينات كان قوميا - ليبراليا، بينما في التسعينات كان اسلاميا - حقوقيا، ولذا فان دور علماء الدين في الخمسينات كان مكملا لادوار الاخرين، بينما في التسعينات كان أساسيا.
- في الخمسينات لم يكن هناك قسم خاص او مخابرات، وتحرك الناس بحرية أكبر وانتهت الانتفاضة باعلان حال الطوارئ، بينما في التسعينات كانت المخابرا ت في أوج قوتها وانتهت الانتفاضة بالغاء قوانين الطوارئ.
- في الخمسينات النخبة كانت أفهم واوعى بمسافات كبيرة من الناس، وفي التسعينات كان الناس متعلمين ومتواصلين مع بعضهم عبر تقنيات أكثر تطورا
العدد 769 - الأربعاء 13 أكتوبر 2004م الموافق 28 شعبان 1425هـ