حديثاً تقدم عدد من النواب باقتراح برغبة مستعجلة لرئيس مجلس النواب لوقف دفع الأقساط المصرفية وغيرها على المواطنين خلال رمضان وعيد الفطر من دون احتساب أية أتعاب إدارية من تأخير دفع الأقساط، مع إعادة جدولة الديون.
جميل جدا ان يهتم نوابنا الأفاضل بهموم المواطن، لكن ذلك لاينبغي أن يكون على حساب الوطن والنظام المصرفي.
نشاطرهم الرأي في الوصول إلى حلول لمسألة الديون: البحث عن الأسباب التي تدفع المواطن للاقتراض، معالجة الأسباب التي ولدت مجتمعا استهلاكيا تفوق كلف معيشته أضعاف دخله... إلخ لكن كل ذلك لا ينبغي ان يكون على حساب النظام المصرفي المعمول به في البحرين.
لشهر رمضان الفضيل مكانته ومتطلباته وللعيد أيضا احتياجاته التي ينبغي تلبيتها، لكن ذلك أيضا لا يمكن أن يكون على حساب ذلك النظام.
الاقتراح الذي تقدم به السادة النواب - على رغم تقديرنا لحسن نواياهم - يتناول الأعراض ولا يتناول الأسباب. هناك أكثر من سبب للصداع وعلى الطبيب الماهر أن يقنع المريض أولا، ويشجعه على الحديث عن معاناته ثانيا، ثم يعود للكشف عليه من أجل تشخيص المرض كي يصف له الدواء الناجح والشافي ثالثا، وإلا فقد يصف له - وبحسن نية - دواء آخر قد يوقف الصداع، لكن له أثاراً جانبية قد تودي بحياة المريض. الأمر ذاته ينطبق على مبادرة السادة النواب فهم قفزوا إلى الأعراض. أكثر من ذلك فإن المصارف نفسها هي شركات عامة يملك أسهمها مواطنون عاديون ومن ثم فإن أي نقص في مداخيلها أو أرباحها ستضطر إداراتها - حفاظا على التزامها بخطتها التجارية التي وافق عليها مجلس إدارتها - أن تقلص من الأرباح التي ستوزعها في نهاية العام المالي وحين يأتي موعد توزيع الأرباح. أبعد من هذا كله ان مثل هذه الاقتراحات قد تعطي انطباعا بانعدام الاستقرار وسيادة العفوية إن لم تكن الفوضى في النظم المصرفي البحريني، وهذا بدوره سيكون أحد العوامل التي تطرد الاستثمارات الاجنبية بدلا من إغرائها بالعمل في السوق البحرينية، الأمر الذي سينعكس سلبا على السوق، وهذا بدوره سيؤثر سلبا على قنوات دخل المواطن البحريني. لهذ نحيي في نوابنا الأفاضل حرصهم على مصلحة المواطن والدفاع عن حقوقه، لكن لا نريد ولا هم يريدون أن يكون ذلك على حساب مصلحة الوطن ... إذ تبقى مصلحة الوطن الاستراتيجية فوق مصالح الجميع الآنية والمباشرة وعندما تراعى الأولى يرتاح الجميع وفي مقدمتهم المواطن ذاته
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 768 - الثلثاء 12 أكتوبر 2004م الموافق 27 شعبان 1425هـ