عندما تشيخ الحرية فإن الثقافة تشيخ... هذه الحرية البحرينية لا يمكن ان نقبل في يوم من الأيام أن تؤسر في الحجر الصحي باسم القانون أو تسجى في المصحة النفسية بحجة انها مصابة بالجنون السياسي، ليقيننا ان اخطاء الحرية افضل الف مرة من مزايا الاستبداد. ونقول لأولئك المثقفين الضفادع: عيونكم كبيرة لكن عقولكم لا تقدر ان تقنع وان تستوعب جمالية الديمقراطية لانها صغيرة. لسنا مع الاخطاء وخطاب الانفعال ولكننا لسنا ايضا مع الوشاة، لسنا مع المتصيدين، لسنا مع الذين يبدلون جلودهم ويغيرون افكارهم كما يغيرون احذيتهم. ان مقاس الناس كبير عليكم فلا تقتربوا منه...
تتعجب من هؤلاء الصحافيين والنخب فهم يكثرون على الناس دعوة التساوي في الحقوق انطلاقا من مبدأ المواطنة لا لشيء سوى لانهم ناموا سنين على فراش نظام الامتيازات ووسادة المصالح... لا يقبلون ابدا اي قرب من نظام المصالح والامتيازات الذي ترعرعوا فيه لانهم يريدون ان يعيشوا على هذا الوضع... اية انسانية هذه؟ واين هي ضمائركم؟ واين هي وطنيتكم؟ هذا امر لا نقبله ولن نرضى الا بمبدأ تكافؤ الفرص... قد يطول الامر... ربما يخرج بعض الناس من غيبوبتهم السياسية فيدركون من اين تؤكل الكتف لكن الوطن - وتلك هي قناعة الكثير من الاطياف - ليس بقرة حلوباً لاحد، بل هو بستان جميل للجميع. من حقنا جميعا ان نشم ورده وان نجلس امام غديره لنشرب ماءً... انه حقوق وواجبات واذا كانت هناك من اخطاء فدلوني على الملائكة يا ايها المثقفون... اين هم ملائكة المال العام؟ اين هم ملائكة الادارة؟ اين هم ملائكة التجارة؟
في السابق كانت البلد «بتتباع حته حته» وبقيت السرقة «علني وعلمكشوف وعيني عينك» ثم جاء الاصلاح بدأنا نتنفس، نشعر بالحرية وكان الأولى ان ندخل البرلمان لو لم يكن الا من اجل ان نقول: «انا هنا اذاً انا موجود» لكنها عقدة البرانويا ونعجب اليوم لماذا هذه القوانين... مسكينة ايتها الحرية... لماذا يراد ان تقلم اظافرك؟ عجبي من هؤلاء الصغار من حَمَلة المباخر ممن ينتهزون الفرص للدوس على مجتمع بأكمله بعلمائه ومفكريه ونخبه أخذاً على خطأ وقع هنا او هناك ليس لهم ذنب فيه، ويحاولون ان يوشوا في اذن السلطة بان كل هؤلاء اعداء للوطن. انهم يتناسون ان الوشاية السياسية هي الوجه الآخر للخيانة الوطنية... ماذا يقول الشاعر الشعبي الجميل أحمد فؤاد نجم يوم ان قام عادل حمودة بالقاء الرصاص عليه... «يا عادل... الكلمة هي اللي بتميز الانسان عن الحيوان، ملعون هو المال والجاه اللي يخسّر الانسان شرفه ونفسه وكلمته ويحوله من كائن عظيم إلى صندوق زبالة متحرك» كتاب «آدي مصر... انا بقى وعادل حمودة» احمد فؤاد نجم.
نحن نمارس خطاب الضحية. يجب ألا نسمح لهؤلاء الصغار بان يكثروا علينا حقنا في الحياة بمبدأ التساوي، ومن لا يعجبه فليضرب رأسه بالحيط. ليس ذلك انفعالاً ابدا ولكني - واسمح لي - استسخف الانسان الذي يدعي الثقافة لكنه يريد ان يعيش بنظام الامتيازات ونظام المصالح لافراده من دون ان يعبأ بالخطر المستقبلي لذلك... انا اكره الانسان الذي يحرق شهادات الآخرين وكفاءاتهم بحجة الانتماء اياً يكن. وصيتي للشباب ان يدخلوا كل المؤسسات لبناء الوطن، وان يفضحوا اي متورط في فساد مالي او اداري أو محسوبيات، وأن يرسخوا مبدأ تكافؤ الفرص حتى على المواطن المسيحي فضلا عن المسلم.
قرأت بامعان كل المقالات التي كتبت في الصحافة وعندي هنا ردود صغيرة فالاخ أحمد المرشد اعلق على مقاله فأقول: ارجع إلى رد أحمد نجم على عادل حمودة في مقال اليوم. ألا تتفق معي ان الانسان قد يتحول إلى صندوق زبالة متحرك اذا اعطى لنفسه صلاحية سحب الوطنية من الناس.
اما الأخ شوقي المناعي، اشكرك على مقالك وارجو ان تتأمل في الحكمة الروسية «اللحية لا تصنع فيلسوفاً» وخصوصا اذا اعطى صاحبها لنفسه صلاحية توزيع علب محشوة بالتقوى كما توزع علب السردين. ألا تتفق مع الحكمة العربية وانت الحكيم بأن «من يريد ان يلقي التهم على الناس يجب ان يكون فوق مستوى الشبهات». هل صحيح ان من يعبث مع الصحافة بأسلوب الشتم يفتح عليه باب جهنم؟
الاخ الرسام طارق البحار، اشكرك على رسمتك المعبرة واتمنى بعد عمر طويل ان يوفق نور الشريف لتمثيل فيلم لرسوماتك شبيه بفيلمه عن ناجي العلي.
الأخ هشام الزياني... لا اعلم ان كنت قبلت العرض بأن نسعى لتوصيل مقالاتك الى الصحف العالمية. «جرب ما بتخسر شي».
الاخ موسى الانصاري اشكرك على مقالك، فهمتني خطأ فالاخوة احبهم ولكن كل ردود الفعل هذه التي تراها من اطياف مختلفة من المجتمع توضح لك خطورة اجراء عملية جراحية في مخ الوضع الاداري والوظيفي في البلد وهذا شفيعي دنيا وآخرة.
الأخ حمد العباسي، قرأت المقال الذي نشر في مجلتك، ولكن للأسف لم أر اسماً أسفل المقال. يقول المثل «النعامة اذا أرادت ان تكون شجاعة فعليها ألا تدفن رأسها في الرمال»
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 767 - الإثنين 11 أكتوبر 2004م الموافق 26 شعبان 1425هـ