يصادف غداً، 13 أكتوبر/ تشرين الأول، الذكرى الخمسين لتأسيس حركة «الهيئة» التي بدأت باسم «الهيئة التنفيذية العليا» في العام 1954، وأصبح اسمها في العام 1956 «هيئة الاتحاد الوطني»، بعد أن اعترفت بها الحكومة حزباً سياسياً يمثل قطاعات واسعة من شعب البحرين، شيعة وسنة.
تأسست «الهيئة» في أكتوبر 1954، واعترفت بها الحكومة في مارس/ آذار 1956 وتم اعتقال قادتها في نوفمبر/ تشرين الثاني 1956، وتمت محاكمتهم ونفي ثلاثة منهم في ديسمبر/ كانون الأول 1956، وأعلنت حال الطوارئ في ذلك الشهر...
حال الطوارئ التي أعلنت في نهاية العام 1956 تحولت إلى «قانون الأمن العام» في 1965، وهذا القانون تحول إلى «قانون أمن الدولة» في 1974، واطاح هذا القانون بالحياة البرلمانية الناشئة آنذاك، واستمر وضع البحرين حتى فبراير/ شباط 2001 عندما الغي قانون أمن الدولة وبدأت المرحلة الانفتاحية الحالية.
البحرين إذن، كانت في حال طوارئ أو تحت طائلة قانون الأمن العام أو قانون أمن الدولة لفترة 45 عاماً، وفي هذه الفترة تشكلت الدولة الحديثة بمؤسساتها الرسمية، بينما لم تتشكل مؤسسات المجتمع المدني الحديث لأن ذلك ممنوع تحت قوانين الطوارئ.
في منتصف الخمسينات، قبل خمسين عاماً، نشأ حزب سياسي متطور يمثل تطلعات أكثرية شعب البحرين، وكانت بلادنا أول بلد في الخليج تعترف بحزب سياسي بصورة رسمية قبل أن يتم حل الهيئة واعتقال قادتها. ولحد الآن لا يوجد حزب سياسي معترف به رسمياً في أية دولة خليجية، والبحرين هي الوحيدة حالياً التي تناقش قانوناً ربما يفسح المجال للاعتراف بالاحزاب السياسية أو بكيانات مشابهة للاحزاب السياسية.
حركة «الهيئة» أهم حركة وطنية شاملة يشهدها تاريخ البحرين، فهي الحركة التي استطاعت - لعدة سنوات - اختراق الحاجز الطائفي وأن توحد فعاليات المجتمع ضمن تنظيم شعبي كان ومازال الأقوى على مستوى ارتباط الجماهير به. وكانت قيادته المشتركة من الطائفتين مثالاً رائعاً لتطور مجتمعنا آنذاك، وهي حال افتقدناها ولا أعتقد أننا قريبون منها حالياً.
وعلى رغم كل الأخطاء التي لابد وان تصاحب حركة كبرى بمثل حجم «الهيئة»، فإن ما غرسته «الهيئة» في نفوس أهل البحرين سيبقى إلى الأبد. فلقد غرست «الهيئة» مفهوم «الوطن أولاً»، وصهرت ابن المحرق وابن المنامة، ابن الريف وابن المدينة، جميعهم في بوتقة واحدة واطلقت عليهم اسم «ابن البحرين».
«الهيئة» ثقافة فريدة من نوعها، ولو كانت لدى الشعوب الأخرى حركة مثلها لأوجبوا دراستها على كل مواطن، تماماً كما توجب الولايات المتحدة الأميركية، مثلاً، على كل أميركي دراسة حركة الاستقلال وقادة تلك الحركة وترديد أقوال الحركة ورموز تلك الحركة.
حسناً فعلت الجمعيات الست لتنظيمها مهرجاناً وطنياً بهذه المناسبة مساء الغد في مركز البحرين للمعارض، و«الوسط» تشارك البحرين فرحتها عبر اصدار ملحق خاص بحركة «الهيئة»، مشاركة في إعادة قراءة تاريخنا بأسلوب متأن، بعيداً عن العنصرية والشوفينية والطائفية التي تحاصر كثيرين في زوايا وجحور خاصة بهم ويحاولون إلغاء البحرين من أجل جحر صغير هنا أو هناك.
«هيئة الاتحاد الوطني» أول حزب سياسي معترف به رسمياً، والذكرى الذهبية يوم غد ذكرى لجميع من يحب البحرين ويحب خدمة أهل البحرين، وأملنا أن نستلهم أفضل الدروس ونتطور إلى المستوى الذي وصل إليه آباؤنا قبل خمسين عاماً
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 767 - الإثنين 11 أكتوبر 2004م الموافق 26 شعبان 1425هـ