طالعتنا الصحف المحلية خلال الاسبوع الماضي بحزمة من المشروعات التي ينوي مجلسا الشورى والنواب طرحها للنقاش العام بالمجلسين خلال الدورة القادمة ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشروعا اقتطاع نصف دولار من مبيعات كل برميل نفط لصندوق مجلس البحرين الاجتماعي، واقتطاع دولار آخر لصندوق الاجيال القادمة، والظاهر ان القائمة مرشحة لان تطول مع دورات عمل المجلسين المستقبلية، علاوة على ما تم اقتراحه في الدورات السابقة وهنا ربما ينطبق علينا المثل القائل «عندك تاكل قال لا عندك تغرم قال ايه...».
الناس كما أثبتت الدراسة التي اجرتها شركة ماكينزي تعاني من الفقر والبطالة والحكومة بحاجة الى الفائض من المال لكي تضخه في موازنات كل وزارة حتى تفي بالاحتياجات المتزايدة للمواطنين الذين هم كذلك في ازدياد مطرد، فوزارة الاسكان بحاجة الى مزيد من الاموال لدفن الاراضي وبناء مساكن للمسجلين على قوائم الانتظار منذ خمس سنوات أو أكثر، والصحة هي الأخرى تشكو وكذلك وزارة التربية والتعليم.
إذاً، المطلوب هو ان يتبنى المجلسان مشروعات داعمة لهذه الوزارات وليس اقتراحات تزيد الطين بلة وتجلب الاسوأ من جراء هذه الاقتطاعات في حال تذبذب اسعار النفط وانحدارها الى أقل من المستوى الذي بنيت عليه دخول النفط.
إن هذه الحزمة الأولية من فيض اقتراحات قادمة من المجلسين لم تكن وليدة دراسة وانما جاءت هكذا في هذا الوقت وبهذه السرعة كردة فعل للزيادة السريعة في اسعار النفط نتيجة تسارع الحوادث بمنطقة الشرق الأوسط وضغط الشارع على أعضاء المجلس النيابي ومنافسة أعضاء مجلس الشورى في طرح الاقتراحات لعمل شيء ما للتنفيس عن ضائقات المواطنين.
أعضاء المجلس ارادوا نفعاً، الا ان بوصلة الافكار تاهت في خضم الحوادث التي تعصف بالمنطقة واشتعال الاسعار فجرفها تيار المال بعيدا عن التفكير حتى فيما هو حاليا انفع لنا. تاهت الافكار فبدل ان تشير الى الاتجاه الصحيح في كيفية مؤازرة وزارات الدولة ومؤسساتها التي تؤدي خدماتها الجليلة لأفراد المجتمع معاونة واخواننا بالبلدان الأخرى لدرء الخطر الذي سيداهمنا من بعدهم وجدنا انفسنا مدفوعين تجاه الزيادة المفتعلة في اسعار النفط التي صرفت انظارنا عما هو آت لنا.
هكذا هي السياسة الغربية تشعل النار في ديارنا وتشعل الاسعار لالهائنا بها ويطغي تأثيرها حتى على بشاعة الصور والانباء التي تتناقلها وسائل الاعلام عن المجازر اليومية والارتفاع الرهيب في اعداد القتلى والشهداء وخصوصاً في العراق وفلسطين، وفي النهاية يضيع كل شيء من بين ايدينا لاننا كثير والقفز على المهمات التي لدينا ونغير مساراتنا الى أخرى قبل ان ننهي الأولى منها
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 766 - الأحد 10 أكتوبر 2004م الموافق 25 شعبان 1425هـ