المتتبع للأجواء التي تشهدها الساحة البحرينية حالياً منذ اعتقال الناشط عبدالهادي الخواجة يجد أن هناك تشدداً واضحاً بين الحكومة والمعارضة في كيفية التعامل مع أدوات الحقبة الانفتاحية، فبدلاً من تبني منهجية الاعتدال أصبح التطرف، أياً كان، هو الأسلوب المفضل لمعالجة الأمور.
ربما اننا نتبع أونتأثر بما يجري في العالم (مع الفارق) اذ أصبح التطرف سمة الموجة التي تعصف بالعالم منذ حوادث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 وهي الحوادث التي اتاحت الفرصة لإنعاش التطرف والتعاطي معه في النواحي التي تخدم مصلحة ما لمختلف التوجهات والايديولوجيات.
فإذا ما نظرنا إلى حال البحرين، فإن هذا البلد الخليجي الصغير جداً والكثيف بسكانه من مواطنين ووافدين عاش سنوات قاسية منذ ان حل المجلس الوطني في السبعينات. فمن مواطنيه من كان في المنافي ومنهم من زج به في السجون إلى غير ذلك من الممارسات التي اختفت منذ لحظة بزوغ مشروع الإصلاح السياسي الذي غيَّر وجه البحرين بالكامل ليحظى دولياً بالاحترام بل وتنظف بعض من ملفاته السياسية.
غير ان قراءة سريعة لما يدور في الشارع البحريني اليوم، نجده من بعد ثلاث سنوات فقط من الانفتاح السياسي عبارة عن مشاعر مختلطة وأوراق مبعثرة هنا وهناك... فهناك أكثر من رأي وأكثر من قضية لاتزال تنتظر الحل.
فما حدث خلال الأسابيع الماضية ليس واضحاً بقدر ما هو خلط للقضايا بإسلوب متشدد ومتطرف بعيداً عن أي نضوج سياسي. وهذا الخلط لن يكون في صالح الجميع وقد يدفع بوعكة صحية لا ندري بطبيعة سلبياتها وإيجابياتها على المجتمع وخصوصاً أن هذه الحوادث غطت على بوادر مشروع اصلاحي آخر ينصب على الجانب الاقتصادي المتمثل في مشروع ولي العهد لاعادة هيكلة سوق العمل والذي سرعان ما خف الحديث عنه في ظل انشغال الرأي العام بقضية الخواجة والمركز والعروبة...
فهذا المشروع لن يرى النور إن استمرت أوراق الإصلاح السياسي في الخلط، مع تصعيد وتحشيد من مختلف الاطراف.
الإصلاح السياسي يكمله الإصلاح الاقتصادي، ولا يمكن ان نلغي الأول عن الثاني كما لا يمكن ان نتجاهل ملفات الفساد والبطالة في البلاد...
لذلك من الضروري أن يعاد طرح مشروع اصلاح سوق العمل من جديد وذلك من خلال حوارات وطنية جادة تشمل جميع الشرائح بما فيها الشباب الذي يشكل أحد أهم دعائم الإصلاح.
كما أن الأسلوب العقلاني والمباشر هو الأسلوب الأمثل للمخاطبة بين الحكومة والمعارضة وإلا فإن الأوراق ستظل مبعثرة من دون ترتيب
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 764 - الجمعة 08 أكتوبر 2004م الموافق 23 شعبان 1425هـ