استوقفني بشكل كبير الخبر المنشور أمس الأول بشأن رعاية شركة طيران الإمارات لفريق الأرسنال الإنجليزي لمدة ثماني سنوات مقابل مبلغ خيالي بلغ 100 مليون جنيه إسترليني (178 مليون دولار)، إذ يعتبر مبلغ الرعاية هذا الأكبر في تاريخ الأندية الإنجليزية.
ويشمل هذا العقد تسمية ملعب أرسنال الجديد باسم «استاد الإمارات» لمدة خمسة عشر عاماً وأن يحمل الفريق اللندني شعار الشركة لمدة ثماني سنوات تبدأ من الموسم المقبل. هذا المبلغ الكبير لرعاية فريق أوروبي من قبل شركة عربية في الوقت الذي تعاني فيه أنديتنا العربية من غياب الدعم وخصوصاً من القطاع الخاص يكشف مدى التناقضات التي يعيشها العالم العربي في الوقت الحالي. فبدل أن تنفق هذه المبالغ الخيالية على تطوير واقع الرياضة العربية المزري نجدها تدفع إلى الأندية الغربية المتطورة أصلاً. وأصبح الفرد العربي مندهشاً وهو يعيش هذه التناقضات الصارخة وكأننا نعيش في حلقة مفرغة تعاني فيها الرياضة العربية من شح الموارد في الوقت الذي تدفع فيه ملايين عربية إلى الرياضة الغربية.
في البحرين مثلاً نحن نحتاج إلى ربع هذا المبلغ لنغير خريطة رياضتنا بالكامل ولو أن هذه الشركة الإماراتية نظرت إلى جيرانها لكان أولى لها فـ «الأقربون أولى بالمعروف».
مع ذلك فاللوم لا يقع على هذه الشركة التي تسعى إلى تسويق نفسها وليس هناك أفضل من الرياضة للتسويق في الوقت الحالي إذ إن الأندية الرياضية تجذب ملايين المتابعين حول العالم والمسابقات الأوربية القوية تجذب جميع المعلنين لإبراز سلعهم. فالرياضة في الغرب هي صناعة قائمة بذاتها ومصدر رئيسي من مصادر الدخل القومي. وليس أدل على ذلك من إيطاليا التي تشكل فيها كرة القدم إحدى مصادر الدخل الرئيسية إلى جانب السياحة والصناعة.
فمشكلة الرياضة العربية ليست فقط في غياب الدعم وإنما في غياب الإستراتيجية الواضحة لها من قبل القائمين عليها، فهي عالة على الدولة بدل أن تكون داعمة لها واستثمارك في مجال الرياضة العربية هو استثمار خاسر بامتياز.
فالشركات عموماً، تسعى إلى إظهار نفسها من خلال الإعلانات، وكما يلجأ المعلنون إلى الصحف التي تحقق مبيعات كبيرة للإعلان فيها كي يصل إعلانهم إلى أكبر شريحة من الجمهور كذلك تسعى الشركات إلى رعاية الفرق الكبيرة التي تمتلك المشجعين حول العالم، وهذا ما لا يتوافر في الأندية العربية التي تبتعد عنها جميع الشركات خوفاً من أن يطلب منها التبرع لها لأنها تعلم أن المبالغ التي ستدفعها ستذهب أدراج الرياح.
فالمسئولية مسئولية مشتركة ويجب أن يتحمل الجميع مسئولياتهم كيلا تذهب أموالنا إلى الخارج بدل أن تدفع إلى الداخل، وبذلك ينطبق علينا المثل البحريني الشهير «عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب»!
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 763 - الخميس 07 أكتوبر 2004م الموافق 22 شعبان 1425هـ