العدد 762 - الأربعاء 06 أكتوبر 2004م الموافق 21 شعبان 1425هـ

«إسرائيل» تتغنى بقوتها وتمنع الاقتراب من حرب 73

مائير فكرت في الانتحار... وديان اعترف بأنها زلزال

ايمان عباس eman.abbas [at] alwasatnews.com

منوعات

الإسرائيليون تغنوا بقواتهم وقالوا عنها إنها «اليد الطولى» لـ «إسرائيل»، كما قالوا عن خط بارليف إنه يحتاج إلى قنبلة ذرية لتدميره، وإن عملية عبور قناة السويس عمل عسكري غاية في الخطورة ولن تجرؤ القيادة المصرية على القيام به. اغترت «إسرائيل» وتفاخرت بقدراتها العسكرية. وبعد حرب رمضان 1973 انقلبت تصريحات القادة الإسرائيليين رأسا على عقب بتأثير النجاح العربي العظيم في عبور القناة في اقتحام خط بارليف وتكبيدهم خسائر فادحة أذاقتهم للمرة الأولى طعم الهزيمة. تعالوا نرى ماذا قالوا وماذا فعلوا لنعرف على الأقل كيف غيّر العرب التاريخ وفرضوا الحديث عن ملحمته على ألسنة هؤلاء الذين سخروا في يوم ما من قدرتهم على تغيير مصيرهم وصنع الانتصار.

رئيسة وزراء «إسرائيل» آنذاك غولدا مائير اعترفت في حديث لها أنها فكرت في الانتحار بسبب الهزيمة القاسية. واعترف وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان في أكتوبر/ تشرين الأول 73 ان الحرب كانت بمثابة زلزال تعرضت له «إسرائيل»، وأن ما حدث في هذه الحرب أزال الغبار عن العيون، وأظهر لنا مالم نكن نراه». وأدى كل ذلك إلى تغيير عقلية القادة الإسرائيليين... وقال إن الحرب أظهرت أنهم ليسوا أقوى من العرب.

أما وزير الخارجية الإسرائيلي حينها أبا ايبان فقال: «لقد طرأت متغيرات كثيرة منذ السادس من أكتوبر، لذلك ينبغي ألا نبالغ في مسألة التفوق العسكري الإسرائيلي بل على العكس فإن هناك شعوراً طاغياً في «إسرائيل» الآن بضرورة إعادة النظر في علم البلاغة الوطنية... إن علينا أن نكون أكثر واقعية وأن نبتعد عن المبالغة».

وفي كتاباتهم وتعليقاتهم اعترف الإسرائيليون وغيرهم من المهتمين بشئون الشرق الأوسط بحقيقة الزلزال الذي هزّ «إسرائيل» بعنف في حرب أكتوبر، إذ ذكر المعلق العسكري الإسرائيلي أمنون كابيلينوك في كتابه «إسرائيل» انتهاء خرافة مقولة للحكومة البريطانية مفادها كلما كان الصعود عالياً... كان السقوط قاسياً، وذكر أن «إسرائيل» سقطت من أعلى برج السكينة والاطمئنان الذي كانت شيدته لنفسها... وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التي سبقتها قوية ومثيرة.

ومن جانبها ذكر المعلق الإسرائيلي زئيف شيف في كتابه «زلزال أكتوبر» أن هذه هي أول حربٍ للجيش الإسرائيلي التي يعالج فيها الأطباء جنوداً كثيرين يعانون من مرضِ صدمة القتال ويحتاجون إلى علاج نفسي... هناك من نسوا أسماءهم».

وبعيداً عن السياسة ودخولاً في الثقافة والفكر فبعد مرور أكثر من 30 عاماً على حرب 73، لم تتجرأ السينما الإسرائيلية على معالجة هذه القضية الشائكة بالنسبة لهم، فالإسرائيليون الذين أنتجوا أكثر من 12 فيلماً عن حرب 67، خلال سنتين من 67 - 69، لم ينتجوا سوى ثلاثة أفلام عن حرب أكتوبر، وتعرضت الأفلام الثلاثة لهجوم جارف لردع المخرجين الإسرائيليين عن ركوب موجة مغايرة لتوجهات السينما الإسرائيلية التي تخلد الانتصارات وتتجاهل الهزائم عن عمد. حرب أكتوبر هي الحدث التاريخي الذي تعرض لأكبر ظلم في السينما الإسرائيلية، وخصوصاً لو علمنا أن صناع السينما والمخرجين الإسرائيليين أنتجوا حتى اليوم أكثر من 200 فيلم حربي تتناول جميع المعارك والحروب التي خاضها اليهود على مر العصور.

طبعا إن الإحجام عن تناول حرب «يوم الغفران» سينمائياً هو مؤامرة صمت بين التاريخ والفن، ويتكفل المبدعون الإسرائيليون بالاشتراك مع المؤسسة العسكرية في الحفاظ على هذه المؤامرة المذمومة، فأيّ ناقدٍ يشاهد الأفلام الحربية الإسرائيلية كثيرة العدد من دون أن يعرف تاريخ هذه الدولة، لن يعرف من الأساس أن هناك حرباً وقعت باسم «يوم الغفران»، وهزمت فيها «إسرائيل».

إذ كان هذا ما حل بـ «إسرائيل»، وربما كان الخافي أكبر، وكون خبرتي في الحياة لا تتجاوز خبرة من عاهد الحروب الباسلة، أتمنى أن أحيا يوما لأرى انتصاراً عربياً أتفاخر به وأظل أذكره. فهل سيبقى حلمي مع طيّ اللحاف وستار الكفن سأراه فقط عندما أغمض عيني؟

إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"

العدد 762 - الأربعاء 06 أكتوبر 2004م الموافق 21 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً