العدد 762 - الأربعاء 06 أكتوبر 2004م الموافق 21 شعبان 1425هـ

الطفل العربي والمسلم ومأزق المستقبل (1 - 2)

ماذا يفعل الأطفال في عالمنا العربي والسماء فوقهم بهذا الانخفاض؟

كيف يمكن ان يرفعوا رؤوسهم بكامل قاماتها؟ وكيف يمكن ان يتأملوا الآفاق البعيدة من دون فضاء رحب يتيح لهم الانطلاق؟

الأطفال العرب، وليس اطفال فلسطين وحدهم محاصرين ولأنهم مادة المستـقبل فان هذا يعني ان المستـقبل العربي كله محاصر، مساحة الابداع فيه ضيقة والقدر المتاح للابتكار معدوم تـقريبا فمن المسئول عن كل هذا؟

إن مسئولية الحصار الذي يعيشه الأطفال العرب موزعة على جهات عدة على رأسها نظام الأسرة المؤسسة التعليمية المؤسسات الثـقافية والاعلامية وتـلك الهوة من التخلف التي نعيش فيها والتي ارتضيناها لأنفسنا كأنها قدر محتوم.

يولد الطفل العربي بالدرجة نفسها من الذكاء التي يولد بها الطفل في العالم ويمر مثـله بمراحل النمو المختـلفة حتى تبدأ سنوات التـفاعل بينه وبين البيئة التي تحيط به عند المنحنى يبدأ الافتراق الخطر، فيواصل الغربي مثلا مراحل نموه النفسي والبدني وتـتهيأ له كل ظروف الابداع ان كانت ثمة بذور ابداعية في داخله بينما يتوقف منحنى الطفل العربي أو ينحو الى الانحدار وهو اما ان يعاني موت بذور الابداع والتجديد في داخله أو ان عليه أن يمتـلك روح المحارب حتى يستطيع فقط ان يبقى طافيا فوق السطح دون ان يكون مهددا بالغرق، ولعل هذا يفسر لنا نماذج العلماء العرب المبدعين الذين وجدوا منفذا للهرب من تحت هذه السماء الواطئة فرفعوا قامتهم وحلقوا عاليا في سماء الابداع خارج أوطانهم.

التخلف ليس احدى سمات الشخصية العربية بالتأكيد ولكنه واقع يفرض نفسه علينا ونرضى به يأسا وقنوطا في غالبية الأحيان ويتوارثه الأطفال منا ضمن ما يتوارثونه من فضائلنا السامية فما العمل والى متى يبقى الطفل العربي مبدعا في الخارج عاجزا في الداخل وكيف يمكن لنا أن نرفع قليلا ذلك السقف الذي يواصل الانخفاض فوق رؤوس أطفالنا؟

علينا ان نعي ان الطفل العربي هو ثروتـنا المهدرة واذا كنا لا ندرك أهميتها فان أعداءنا يدركون ذلك جيدا فعندما يفتح جنود الاحتلال الاسرائيلي النار فان هدفهم الأول هو الأطفال الفلسطينيون وهم لا يحاولون اصابتهم أو تـفريقهم ولكنهم يستغلون مهارتهم الحربية بوصفهم أفضل جيش في الشرق الأوسط لكي تكون اصاباتهم في الرأس مباشرة أي انهم يحاولون استئصال المستـقبل الفلسطيني في كل طلقة يطلقونها وقد فطنت «إسرائيل» الى أهمية قتـل الأطفال الفلسطينيـين متأخرة بعض الشيء فقد كانت قبل ذلك مشغولة بالاستيلاء على الأرض ومحو القرى الفلسطينية واقامة المستعمرات فوق الأرض المنهوبة الى أن اكتـشفت ان كل هذا لا معنى له مادام هناك جيل فلسطيني ينمو كل يوم ويطالبهم بحقه في الوجود والأرض والتاريخ وقد فزع الاسرائيليون من وجود هذا الجيل في الانتفاضة الفلسطينية الأولى في الثمانينات عندما شب جيل كامل من الشباب والأطفال الذين ولدوا وعاشوا في ظل الاحتلال ومع ذلك لم يتـقبلوه حقيقة واقعة أدركت «إسرائيل» منذ ذلك الحين ان اخطر ما يواجهها هو تـلك القنبلة السكانية التي لا تـني تـنفجر في مواجهة اطماعها التوسعية وعلى رغم هذه القنبلة تـنفجر اليوم من بين اطفال الأرض المحتـلة فإنها في الغد ستـنفجر من وسط غرب الخط الأخضر الذين يتمتعون بالجنسية الاسرائيلية ويقيمون كمواطنين من الدرجة الثانية ضمن دولة «إسرائيل» المزعومة وهي تـفعل ذلك ضمن حملة دعائية ضخمة عن العرب المتوحشين الذين يدفعون اطفالهم عمدا الى الموت.

والولايات المتحدة الاميركية وما فعلته باطفال افغانستان واطفال العراق من دون تميـيز وذلك منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001، القضاء على الطفل العربي والمسلم بحجة الانتـقام والقضاء على الارهاب الذي صنعته ايدي الصهيونية الاميركية ونشرته في أنحاء العالم ودفعت الاموال الطائلة لذلك لتكون القطب الاوحد في العالم وللاستيلاء على برك النفط في دول العالم الثالث الذي تحيا وتطور بلدها باحدث التكنولوجيا المتـقدمة على حساب شعوب هذه البلدان.

وأطفالهم يعيشون في رغد العيش من الرعاية والاهتمام وحتى من قبل المنظمات الحقوقية للانسان وهنا تحضرني مقابلة الممثـل محمد صبحي في قناة «الجزيرة» في برنامج «بلا حدود» وهو يسأل: لماذا يعتبرون أنفسهم أحسن منا؟ ولماذا يعتبرون دماءهم انقى من دمائنا؟ أن همجية الغرب المتعصبين المتعطشين لدماء المسلمين والعرب كانت مأخوذة من كتاب اليهود (التـلموذ) الذي يعطيهم الحق في سفك الدماء الزكية بلا حساب وذلك لاعتـقادهم بأنهم الشعب المختار وان لهم الحق في السيطرة على كل العالم وعلى كل أرض تـقع ارجلهم عليها دون استـثـناء.

أن ما تـقوم به الولايات الاميركية المتحدة المتصهينة في الدول المستعمرة بحجة ادخال الديمقراطية المزيفة التى تـفتـقدها هي في بلدها، والحريات الملطخة بدماء المسلمين الابرياء على ايدي زمرة حاقدة ضالة وتعتبر نفسها القوة العظمة في العالم ما هو الا الخوف من العرب والمسلمين ودينهم العظيم، ويحاربون المقاومة الباسلة في هذه البلدان المستعمرة بحجة القضاء على الارهاب وهم يقتـلون الاطفال، والنساء، والشيوخ بصواريخ وقنابل محرمة دوليا. ونحن لا نقتـل أطفالنا كما تزعم «إسرائيل» ولكننا على الأقل نقتـل جانبا من طفولتهم فالغالبـية العظمى من الأطفال العرب يعيـشون بلا طفولة حقيقية ويشيخون قبل الأوان فهم وقود كل الحروب العربية المسلمة وهم ضحايا الفقر الذي يحرمهم حقهم في التعليم ويلقيهم مبكرا الى اسواق العمل وحتى الذين تـتاح لهم فرص التعلم والترقي يقعون ضحايا النظم التـعليمية المتخلفة التي تـقتـل ما في داخلهم من ابداع وتـزرع فيهم الخوف والريبة من الحياة الدنيا.

ان الطفل العربي والمسلم عكس اطفال اميركا و«إسرائيل» ودول اوروبا، انهم يدرسون أبناءهم الأطفال في المدارس على طريقة كتابهم التـلموذ الذي يحلل لابنائهم مص دماء العرب والمسلمين ولهم الحق في تجريف الأرض المحتـلة وهدم البيوت التي تخص العرب والمسلمين للتوسع العدواني الصهيوني والاميركي وفرض تغيير انواع من الدراسات والمناهج التعليمية وخصوصاً الدينية في البلاد العربية والمسلمة التي تـفرض على تلاميذ العرب والمسلمين الاعتراف بالصهيونية والمسيحية المتصهينة بالاضافة الى مشروعية ما تـقوم به الانجلوا الاميركية في الدول المستعمرة بحجة ادخال الديمقراطية والحريات المزيفة التي تـفتـقدها هذه البلدان بالذات وذلك لما شاهدناه وسمعناه من توسلات شعوب هذه البلدان في امور الرهائن الذين هم في قبضة المقاومة العراقية. ان الحرية المزعومة التي تـتبناه انجلو اميركا الملطخة بدماء الأطفال والنساء وكبار السن والآمنين في بيوتهم وقراهم ما هي الا حجة العجز الذي أظهرته الاكاذيب المضللة لأكبر قوة عظمى في العالم كما تدعي، ان هوس الرئيس الاميركي بالعراق وحقده على الرئيس صدام حسين لانه الرئيس الوحيد الذي ضرب البنت المدللة في عقر دار الأرض المحتـلة ومساعدته عوائل الشهداء ماديا ومعنويا وقال: للقوة العظمى في العالم لا وألف لا، لكي لا تحصل كارثة للدول العربية من الغول الأكبر الذي يسيطر على افكار بعضهم وبناء على ادعاءات ومزاعم كاذبة لخوض حرب من المستحيل الانتصار فيها وزرع الديمقراطية التي ستـتجذر في العراق وتـنتـشر كالأزهار في الشرق الاوسط، لان ذلك ما كان ليحصل ابداً الا لخوض الحرب المدمرة لاستمرار وجود الاميركي في العراق واقامة قواعد عسكرية اميركية دائمة في المنطقة والسيطرة على النفط العراقي مثـلما سيطروا على دول الجوار والحجة هي اسلحة دمار شامل وعلاقة صدام حسين بـ «القاعدة»، وحوادث 11 سبتمبر 2001م





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً