سهرت البارحة مع كتاب جميل عن نضال المهاتما غاندي ونضالات العالم اسمه «النضال اللا عنفي»... كان كتاباً جميلاً أجمل حتى من فيلم غاندي الذي سعدت بمشاهدته. قناعتي أن النضال السلمي هو خير وسيلة للتصحيح وأنا اتفق مع رؤية المفكر الاسلامي محمد مهدي شمس الدين في كتابه القيم «التطبيع خيارات الامة وضرورات الانظمة». ومازلت أبحث عن كتاب أود من خلال نافذته أن انفتح على حياة المناضل الحر مانديلا... شاهدت برنامجاً وثائقياً عن الرجل، ولكن لم يشف غليلي بعد للاقتراب من قراءة هؤلاء القادة التاريخيين الذين غيروا واقع بلدانهم بمنطق العقل ومقارعة الحجة بالحجة.
شمس الدين يدعو إلى تجسير العلاقة مع السلطة وفتح قنوات الحوار دائماً وعدم غلق الابواب مخافة استغلال الحواشي المتمصلحين من تعكير الجو بين الانظمة والشعوب وقديماً قيل: «الحواشي غواشي»، فهي كلمة أول ما سمعتها في الحوزة وهي تصور واقع الحواشي السيئ في التأثير على بيوت العلماء... في البحرين لسنا محتاجين الى وساطات فعند الالتقاء بالسلطة يجب ألا نقطع الطرق... يجب ان نتواصل مع السلطة لنوصل لها الصوت. وعلى ذكر التواصل لابد من الدخول في الدور الاسود الذي يمارسه بعض مثقفي البحرين ممن يعيشون على تناقضات الازمات بين السلطة والمجتمع. واصبحت هناك دكاكين ثقافية تفتح على ايقاع هذه الازمات ومن ضمنها دكاكين الصحافة، فحتى الصحافة البحرينية بحاجة إلى دماء جديدة وإلى عقلاء متوازنين يحكمون المصلحة العامة، وأنا أرى أن المصلحة العامة لا تكمن في ان ابحث عن تصفيق الجمهور أو مسح الجوخ للسلطة، المصلحة العامة تكمن في موضوعية الطرح... تلك هي مشكلتنا في الصحافة، وانظر إلى بعض الكتاكيت الصغار الذين يتوالدون في الصحافة فجأة واذا بنا نفاجأ بسقوط صحافي صغير ببرشوت من السماء وهو يرشق المجتمع - على طريقة سلفستر ستالون - برصاص التخوين وعدم الوطنية ويضع كل المجتمع في سلة الاتهام على طريقة «أول ما شطح نطح». أنا أعلم أن «الفاضي بيعمل قاضي» على رغم أن أستاذنا الهضيبي يقول: نحن دعاة لا قضاة، والمثل العربي يقول: «تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها». عيب... نحن ابناء وطن واحد وزمان «اولاد الست» و«اولاد العبدة» انتهى. اليوم العالم الحر يبحث عن بناء دولة الانسان لا ابناء العائلة او العرق او الطوائف.
وتتعجب أن براعم صغار يبحثون عن الشهرة ولو بإلقاء الاوساخ على رؤوس الناس وهؤلاء يذكرونني بذلك الاعرابي الذي اراد ان يشتهر ويسرق الاضواء «فذهب وبال في المسجد»... حصل على الشهرة، ولكن اية شهرة هي هذه؟ هناك رسالة مهمة احب ان اوصلها إلى أي أحد: ان زمن إلقاء القاذورات والاوساخ الكتابية على الناس قد ولى بلا رجعة ومن يريد ان يتجاوز الحياء العام والقيم التسامحية في إلقاء رصاص الاتهام على المجتمع فليتحمل الرد وبقساوة ايضا. ليست هذه مكابرة ولا غروراً، ولكن اعتقد أن حماقات «فرق تسد» التي زرعها هندرسون قد ولت معه بلا رجعة بفضل مشروعنا الاصلاحي الكبير الذي أعاد الثقة بين السلطة والمجتمع. وهنا نبارك تلك الخطوات التي يقوم بها الاهالي في السنابس وبلاد القديم والمحرق والمنطقة الغربية من تواصلهم المحمود مع جلالة الملك والذي بدأ انعكاسه بمشروعات خيرية لمناطقهم... ترسيخ هذه العلاقات الودية والتكثيف منها لاشك أنه يعزز الوحدة الوطنية ونحن نشجعها ونتمنى لهم التوفيق. عوداً على بدء أقول: هؤلاء الكتاب سواء كانوا قدماء أو حديثي عهد بالصحافة يجب ألا تمر كتاباتهم مرور الكرام ويجب أن يفهموا وبعصى الكلمات الغليظة وبمقارعة الحجة بالحجة أن للناس كرامة محاطة بدائرة من نار، من يقترب منها عليه أن يتحمل حرق الاصابع. هل تتذكرون الاعرابي؟ لحيته كانت محشوة بغبار التاريخ وكذلك عقله، إنه كما قيل فيه «ثور مربوط للصلاة» دعاؤه إلى ربه أن يرسل للعشب حماراً يأكله. أمه تجوع، لا تعرف لون الخبز، وهو يفكر في العشب والحمار، ولا تنسوا ايضا ما جرى للمسجد بعد ذلك!
إشارة
وزارة الاسكان: أرسل مواطن اسمه عبدالحسين حسن يطلب بيتاً للاسكان، رقم الطلب: 6693 تاريخ الطلب: 23 فبراير/ شباط 1984. طلبت منه مراجعتكم ومعرفة التفاصيل والاجراءات منكم
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 760 - الإثنين 04 أكتوبر 2004م الموافق 19 شعبان 1425هـ