لاحظ مشاهدو المناظرة الأولى بين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية الأميركية، جورج بوش والديمقراطي جون كيري اهتزاز وعدم الاستقرار التي اتسمت بها ردود بوش، وحال الغضب الذي طبع سلوكه في رده على أجوبة كيري.
وقد راهن مديرو حملة كيري الانتخابية على سلوك بوش وطبعه ومزاجه الحاد في المناظرة التي شاهدها عشرات الملايين من الناخبين الأميركيين، في تقليل الفجوة في استطلاعات الرأي وكسب الناخبين الذين لم يقرروا بعد لصالح كيري.
وقد عرف مساعدو بوش أن مزاجه هو نقطة الضعف المحتملة القابلة للاختراق، وأن جلساته للتدرب على النقاش اشتملت تدريباً من أجل أن لا يستثار، ويبدأ بالتحدث بغضب ومن دون تفكير. ولكن عدسات كاميرا التصوير أخذت تلتقط الصور عندما ألقى بوش نظرة على قاعة التجمع في جامعة ميامي عندما أمسك كيري بالعبارة التي يردّدها بوش دائماً بأن «العدو ضربنا» ليوضح أن ذلك العدو ليس هو صدام حسين.
ولاحظت مصادر طبية أن حركات بوش وتقطيبة وجهه وحركة شفتيه ونظرات عينيه أثناء المناظرة توحي بأنه قد لايزال مدمناً على الكحول وهو ما كان مساعدون له أكدوا مراراً أنه توقف عنه.
وعلى رغم أن نقاش مديري الحملتين الذي يقع في 32 صفحة قد تم التفاوض بشأنه لجعل اللقاء نظيفاً إلى أقصى قدر ممكن، وكان منذ البداية وفق شروط حملة بوش. ولكن منذ اللحظة الأولى عندما أجاب كيري على سؤاله الأول ببيان استهلالي فإن شخصيتي المرشحين ظهرت من خلال القيود التي فرضتها صيغة الاتفاق. واتخذ كيري مكانه خلف منصته يكتب ملاحظات معظم الوقت عما كان يقوله بوش. وعلى رغم أن البيت الأبيض هو الذي أصر على معظم القيود فإنه كان هو الذي تضايق منها، وكان يقفز عندما يستعد للجواب. وفي أحد المواقف دفع كيري للتنكيت أنه كان سعيداً لتغيير القواعد والقوانين. وفي النهاية كان كيري الأكثر سروراً، كما كان يشاهد والأكثر حماساً في إظهار شكره لمعارضته. ومشى كيري إلى مقدمة المسرح يشبك يديه مصافحة المنتصر عندما استدعى زوجته تيريزا إلى المسرح، وبالكاد ذكر بوش معارضيه وذهب من أجل أن يحتضن زوجته لورا.
وإن مضايقة بوش الظاهرة من فكرة كيري كقائد أعلى للقوات المسلحة ربما كانت الشعور الأكثر وضوحاً في المناقشة، بل ان بوش استخدم العبارة التي يستخدمها لتوبيخ الصحافيين المسيئين بقوله: «دعوني أنهي كلامي».
وأشار الكثير من المحللين عقب انتهاء المناظرة إلى أن النقاش في النهاية كان حقيقياً جاداً ومليئاً بروح الشجار وتحديد الأمور، وهو ما كان الشعب الأميركي يتوق إليه أثناء حملة انتخابية زمن الحرب. وقد دافع الرئيس بوش عن مسلكه بشأن الحرب التي يشنها على العراق مصراً على أنه «يجب أن يكون هناك تأكيد من جانب الرئيس» وأكد كيري المرة تلو الأخرى أن بوش قاد البلاد إلى كارثة وهزيمة كاملة في العراق، وأن الوقت قد حان «لبداية جديدة وصدقية جديدة في الشئون الخارجية».
وكان كيري منذ السؤال الأول مصمماً على أن يظهر كما عبر عن ذلك بقوله «إنني أستطيع أن أجعل أميركا أكثر أمناً مما جعلها الرئيس بوش». وكان هادئاً وبعيداً عن التوتر ومحترماً وعقلانياً في تقديم مختصر مفصل عن تحول بوش من الحرب على القاعدة في أفغانستان والإرهاب العالمي إلى غزو العراق. كما أن أجوبة كيري على الأسئلة لم تتجاوز الأوقات المحددة. ومع انتهاء المناظرة بدا كيري وقد أنجز هدفه الرئيسي لذلك المساء وهو ترسيخ نفسه كقائد أعلى معقول وصاحب صدقية
العدد 759 - الأحد 03 أكتوبر 2004م الموافق 18 شعبان 1425هـ