مشهدها الرابع أو الرائع، إنها الانتفاضة الفلسطينية التي أطفأت قبل أيام شمعاتها الأربع، مع إطفاء عيون أكثر من ثلاثة آلاف شهيد من أبناء الشارع الفلسطيني، من مخيماته ومدنه العتيقة وقراه المتناثرة... الحجر في تلك المناطق هو المكون اللافت للمباني الفلسطينية، وهو المكون اللافت كذلك للمقاومة، ورمز الانتفاضة، ولو كان الأمر شخصياً، لاقترحت منح «الحجر» جائزة على كونه حجراً، يُرجم به «الشيطان» في كل حين.
إلا أن مسألة الانتفاضة يرشح لها أن تطول في معركة كسر العظم، بين الصمود والجوع، فالاقتصاد الفلسطيني تدهور بشكل كبير مع تدهور الاقتصاد الإسرائيلي، ولكن الفرق أن هناك أكثر من 2,2 مليار دولار مساعدات مالية أميركية مباشرة لـ «إسرائيل»، و«حرام» على الشعوب والمؤسسات والدول مساعدة أبناء الشهداء من «حماس» أو «الجهاد» وإلا أصبحوا في خانة الإرهابيين، وبالتالي، سيكون السؤال: إلى متى يمكن للاقتصاد الفلسطيني أن يصمد؟
ما يربك الانتفاضة هو هذه الانفصالية بين العمل السياسي (السلطة) والعمل العسكري (المقاومة)، سيجعل من الصعب على الانتفاضة الوصول إلى هدف واضح، لأن المسارين مختلفان جداً، ولا رابط بينهما، ولا تكتيك طويل الأمد، فكلما تقدمت السلطة في مفاوضات السلام، جرت عملية استشهادية، قوضت الخطوات الأولى وأعادت الأوضاع إلى مربع ما قبل الصفر، ويستمر حمام الدم، حتى قيل إن هذه الحركات مخترقة من الداخل من قبل الكيان الصهيوني بهدف إشاعة الفوضى وتفجير الوضع كلما لاحت بارقة أمل.
لن نتبنى أياً من هذه الآراء، إذ يبقى خيار المقاومة هو القائم الوحيد في هدأة الليالي العربية الظلماء، ولكنها مع الأسف لن تكسب الحرب مادامت منفصلة عن الرؤية السياسية
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 757 - الجمعة 01 أكتوبر 2004م الموافق 16 شعبان 1425هـ