يبدو أن البطالة في البحرين مرشحة للتدهور وذلك على خلفية عدم إظهار الحكومة الحماس الضروري فضلاً عن تنامي معارضة القطاع الخاص لمشروع إصلاح سوق العمل... وعليه يخشى أن تتأزم معضلة البطالة في المستقبل المنظور استناداً إلى المعطيات المتوافرة في الدراسات التي أجرتها مؤسسة ماكينزي الأميركية لحساب ديوان ولي العهد ومجلس التنمية الاقتصادي بخصوص إصلاح سوق العمل. تناقش السطور الآتية آخر الأرقام المتوافرة بمسألة البطالة.
أولا البطالة في العام 2002: استناداً إلى دراسة ماكينزي بلغ عدد العاطلين من المواطنين ما بين 16 ألفاً و20 ألفاً. على هذا الأساس تراوحت نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة البحرينية ما بين 13 أو 16 في المئة. حدث كل ذلك في الوقت الذي بلغ فيه العدد الكلي للقوى العاملة البحرينية (العاملة والعاطلة معاً) ما بين 123 ألفاً و127 ألفاً.
ثانياً البطالة في العام 2013: تتوقع دراسة ماكينزي أن يرتفع عدد العاطلين المواطنين إلى 70 ألفاً ما يعني أن نسبة البطالة ستبلغ 35 في المئة من القوى العاملة البحرينية. افترض تقرير ماكينزي أن على الاقتصاد البحريني إيجاد 100 ألف وظيفة في الفترة ما بين 2003 و2013 أي بمعدل 10 الآلاف وظيفة سنوياً. توصل التقرير إلى هذه الأرقام بافتراض أن 50 ألفاً (من الذكور والإناث البحرينيين) سيدخلون سوق العمل في فترة 10 سنوات بمعدل 5 الآلاف في السنة. بالإضافة يتطلب من الاقتصاد توفير 30 ألف وظيفة أخرى للإناث فقط نظراً إلى وجود أعداد كبيرة من البحرينيات المؤهلات للعمل لكن شاءت الظروف إلّا تنخرطن في سوق العمل. أيضاً يتطلب من سوق العمل إيجاد 20 ألف وظيفة للعاطلين الحاليين.
ثالثاً البطالة المقنعة: يرى تقرير ماكينزي أن نحو 15 في المئة من المنضمين الجدد إلى سوق العمل قبلوا بوظائف أقل من مهارتهم في الفترة ما بين 1990 و2002. بيد يتوقع أن ترتفع النسبة إلى نحو 60 أو 70 في المئة في العام 2013 في حال استمر النهج الاقتصادي المتبع في البلاد. الواضح أن هناك اتجاهاً متزايداً لدى المواطنين للعمل في أية وظيفة سانحة بغض النظر عن المستوى العلمي لسبب بسيط وهو حاجتهم للحصول على لقمة الرزق الحلال.
صراحة أنه لأمر محير ومؤسف لعدم قدرة عدد كبير من المواطنين الحصول على وظائف مناسبة لهم في الوقت الذي لا يزيد فيه عدد البحرينيين عن 428 ألفاً وذلك بحسب إحصاءات السكان للعام 2003. حقيقة تعاني البحرين من البطالة في الوقت الذي لم تنضم نسبة كبيرة من المواطنين حتى الآن إلى سوق العمل. استناداً إلى أرقام العام الماضي هناك 190 ألف فرد دون سن الخامسة في البحرين أي نحو 28 في المئة من السكان. وعليه فإذا كانت البطالة مشكلة بحد ذاتها في الوقت الحاضر فأن المعضلة ستزداد سوءا في المستقبل في حال استمرت الأوضاع الاقتصادية وقوانين العمل المعمول بها في المملكة.
باختصار، على الحكومة والمجتمع أن يختارا أما إتباع النهج الاقتصادي المعمول به حالياً أو تبني مشروع إصلاح سوق العمل. علماً بأن الكثير من الأدلة تشير إلى ظهور أزمة بطالة خانقة في المستقبل في حال عدم تبني نتائج والحلول المقترحة في دراسة مؤسسة ماكينزي. بيد إذا كنا نريد صلاح المستقبل وعدم التسبب في إيجاد مشكلات اقتصادية واجتماعية مستقبلاً وخصوصاً للداخلين الجدد إلى سوق العمل، فالخيار المثالي هو مشروع إصلاح سوق العمل الذي يقوده سمو ولي العهد
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 757 - الجمعة 01 أكتوبر 2004م الموافق 16 شعبان 1425هـ