بينما تتوتر الأجواء السياسية البحرينية بسبب ما قيل في ختام «ندوة الفقر» التي عقدت في 24 سبتمبر/ أيلول الماضي انعقدت ندوة «الاتجاهات الجديدة في الاعلام الخليجي» في دبي في 30 سبتمبر، حضرها نخبة من رؤساء التحرير ومديري الفضائيات ووكالات الأنباء لتداول الآراء في التشريعات الخليجية (جميعها) التي تقيد الحريات، وفي المتغيرات الناتجة عن انتشار الفضائيات والانترنت، وفيما إذا كانت الممارسة الاعلامية تلبي احتياجات وتطلعات الخليجيين، وفيما إذا كان لدينا رأي عام خليجي، وفيما إذا كان الإعلام مسيساً أو مؤدلجاً وإن كانت الحكومات توجد هذه الفضائية أو تلك الصحيفة لتحقيق أغراض سياسية ضد دولة خليجية أخرى، وفيما إذا كان الاعلام موجهاً لخدمة المواطن أو لتلميع صورة الحاكم.
المشاركون من جميع دول مجلس التعاون الخليجي، والغريب ان الهموم واحدة، لا تختلف كثيراً بين هذا البلد الخليجي أو ذاك.
فالكويت، وهي أكثر البلدان الخليجية التي لديها حرية صحافية، لها مشكلاتها. والصحافيون يخشون تراجع التشريعات والممارسة تماماً كما يخشى البحرينيون فقدان هامش الحرية الذي حصلوا عليه منذ الانفتاح السياسي العام 2001.
الصحافة الكويتية لديها سقف أرفع من نظيرتها البحرينية بالنسبة الى انتقاد الحكومة، الا انها ايضاً تعاني من قرارات إدارية بين فترة وأخرى، والقانون المطروح حالياً يحمل في طياته سلبيات كما يحمل الايجابيات.
المقارنات العلمية التي طرحها المشاركون توضح مدى التخلف في التشريع والممارسة مقارنة بالتطور التقني الذي نحظى به، كما توضح المناقشات كيف ان الحكومات الخليجية مازالت تنظر الى الاعلام والتعبير عن الرأي والنشر بعين الريبة والشك، أو انها تنظر الى كل ذلك كوسائل لتلميع صورة النظام ونشر المديح والثناء الى درجة ان نشرة الأخبار التلفزيونية ذات النصف ساعة تخصص عشرين دقيقة لأخبار استقبال وتوديع رجالات الحكم، وتخصص عناوين الصفحات الرئيسية جميعها للنوعية نفسها من الأخبار عن استقبال أفراد الحكم لبعضهم الآخر. وللتغطية على العجز الاعلامي يتم تضخيم الأخبار عن فلسطين والعراق التي أصبحت تحتل عناوين الصفحات الرئيسية، كل ذلك من أجل الابتعاد عن التغطيات المحلية وانتقاد الماسكين بزمام الأمور.
مثل هذا الحديث لم يجرِ في ندوة للمعارضة، وانما بين مسئولين عن الصحف ومحطات فضائية وتلفزيونية ووكالات أنباء بحضور وكيل وزارة الإعلام الإماراتي، وهو ما يعني أن الجميع يعلم بالمشكلة، والبعض يحاول تأخير وصول التطور الانساني محاولاً الاقتصار على التطور التقني والتسهيلات فقط. ولكن قصة التاريخ المتكررة تقول ان مثل هذا الأمر مستحيل التحقيق، فلابد لمن بيدهم الأمور ان يتعايشوا مع متطلبات العصر الذي يعيشون فيه، وإلا فإنهم يتعبون وهم يحاولون تأخير عجلة التطور الانساني على مستوى المحتوى وليس الشكل فحسب.
في الندوة الاعلامية المنعقدة في دبي، ذكرت المشاركة اسم البحرين انموذجاً للتطور نحو الأفضل، غير ان إحدى المشاركات تحدثت وقالت: «اذا كانت البحرين أفضل من غيرها، فلماذا أغلقت جمعيات خلال الأيام الماضية بسبب كلام انطلق خلال ندوات عقدت هناك؟». السؤال والحوارات أشارت إلى أننا (كإعلام خليجي) مازلنا بعيدين جداً عن ممارسة الدور المحوري والاستراتيجي الذي يمارسه الاعلام في الدول المتقدمة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 757 - الجمعة 01 أكتوبر 2004م الموافق 16 شعبان 1425هـ