كانت عقارب الساعة تشير إلى الساعة السادسة وعشر دقائق عندما انطلق سباق 200 متراً للشباب بمشاركة لاعب منتخبنا الصاروخ محمد جاسم، وارتفعت الأكف بالدعاء لهذا البطل الشاب، وبما أن مضمار ألعاب القوى يُلزم كل لاعب بحارته فإن جاسم لم يُعرف ما إذا كان سيعتلي منصة التتويج ليتوّج بإحدى الميداليات، وبعد الانتهاء من المنعطف تقدم العداءان العراقي والمصري ليبدأ مسلسل الجري نحو خط النهاية الذي لم يكن سعيداً للبحرينيين، لكن جاسم تقدّم بسرعة الصاروخ وتخطاهما ليصل إلى الخط أولاً محرزاً الميدالية الذهبية مؤكداً أنه موهبة أبدعت الجهات المعنية في رعايتها ابتداء من المحيط الذي يعيش فيه اللاعب مروراً بالمدرب الجزائري نور الدين طاجين وانتهاء بالاتحاد البحريني لألعاب القوى.
الصاروخ نشّط بعثة البحرين التي أسعدها الفوز لسببين، الأول إحراز الميدالية الذهبية والثاني تحطيمه رقمه السابق (21.54)، فيما كان رقمه يوم أمس (21.43)، وجاء العداء العراقي محمد حسن ثانياً مسجلاً زمناً (21.52) وسجل المصري محمد سيد أبوالخير زمناً وقدره (21.55).
وسلّم رئيس بعثة منتخبنا الأمين المالي للاتحاد وليد بوشقر مكافأة الميدالية الذهبية للاعب في المضمار بعد انتهاء السباق مباشرة.
وجمعت بعثة منتخب البحرين تسع ميدالية ملونة في البطولة العربية الرابعة عشرة لألعاب القوى التي اختتمت أمس في استاد الكلية الحربية في القاهرة، منها خمس ميداليات ذهبية، وميداليتان فضيتان، وميداليتان برونزيتان، لتختتم منتخباتنا المنافسات في المركز الثالث في جدول الترتيب، وهو انجاز يحسب للبحرين إذا نظرنا إلى مصر التي حلّت في المركز الأول بعدد ضخم من اللاعبين برصيد 17 ميدالية ذهبية، و 14 ميدالية فضية، و 10 ميداليات برونزية، وجاء المنتخب التونسي في المركز الثاني وجمع خمس ميداليات ذهبية، وثلاث ميداليات فضية وثلاث برونزية، ثم منتخباتنا التي وصلت إلى القاهرة بثلاثة عشر لاعباً ولاعبة أصيبت منهم لاعبة المسافات القصيرة فاطمة عامر بتمزق.
الميدالية الذهبية الثانية للبحرين يوم أمس فازت بها جميلة شامي في سباق 1500 متر تاركة المركز الثاني للاعبة منتخب الإمارات والثالث للاعبة المنتخب المغربي، وسجلت شامي (4:18.26) د، وسجلت الإماراتية مريم مبارك (4:24.26) د، فيما سجلت المغربية حنان الفلوج زمناً وقدره (4:24.69) د.
وعجز آدم يونس عن الفوز بإحدى الميداليات في سباق 5000 متر عندما جاء رابعاً رغم أنه كان في المقدمة في منتصف السباق، لكنه تراجع في المراحل الأخيرة، وحاول التعويض لكنه لم يستطع اللحاق بالعدائين في المقدمة على رغم أنه رفع سرعته لكن في وقت متأخر بعد أن حجز أصحاب المراكز الثلاثة الأولى أماكنهم.
وفي مسابقة دفع الجلة أحرزت لاعبة منتخبنا بسمة محمد المركز السادس، ولم ينجح محمد سعد من تحقيق نتيجة تؤهله للفوز بأية ميدالية في مسابقة الوثب الطويل، ولم يختلف الوضع بالنسبة للاعبة منتخبنا مريم الأنصاري في مسابقة الوثب الثلاثي.
وبعد انتهاء البطولة بادر رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة بتهنئة الوفد البحريني بهذا الانجاز، وعبّر رئيس الوفد وليد بوشقر ومدير المنتخبات سعود الغنيم عن امتنانهما لمتابعة رئيس المؤسسة لنتائج المنتخب في القاهرة.
الصاروخ: كنت واثقاً
ولم ألتفت لأي معوقات
الصاروخ قال إنه كان واثقاً من الفوز بالميدالية الذهبية قبل انطلاق السابق على رغم وجود متسابقين أقوياء يتمتعون بمواصفات عالية.
وأضاف «قبل الذهاب إلى استاد الكلية الحربية كنت واثقاً من تحقيق الميدالية الذهبية ووعدت الزملاء بذلك، وكنت أكثر إصراراً كلما اقترب موعد السباق وقمت بتجهيز نفسي وارتداء ملابسي مبكراً لأنني كنت أنتظر موعد بدء السباق، وعندما دخلت المضمار مع باقي المتسابقين من العراق (متسابقين اثنين)، مصر، السودان، المغرب، السعودية وعمان أدركت صعوبة المنافسة لكنني لم أنظر للمنافسين نظرة تُدخل الرعب في نفسي وتُشعرني بالإحباط وازددت إصراراً ووضعت أمامي هدفين، وهما الفوز بالميدالية الذهبية وتحطيم رقمي السابق، وبفضل من المولى حققت الهدفين بسبب التدريب الجاد وإشراف المدرب نور الدين طاجين ومتابعة الجهاز الإداري ومجلس إدارة الاتحاد التي وضعت أهدافاً سارت عليها وسياسة ناجحة بدأت تجني ثمارها».
وقبل النهاية كان جاسم متأخراً عن باقي العدائين لكنه زاد من سرعته معلقاً على ذلك: «لم أخشَ من الخسارة ولم ألتفت لأي أمور تشتت ذهني عن الوصول أولاً إلى خط النهاية وكنت مصراً على الفوز فكان لي ما أردت».
وأهدى الشروقي الفوز بالميداليات والمركز الثالث إلى القيادة لدعمها قطاع الرياضة، مشيراً إلى أن اهتمام المؤسسة العامة ورئيس الاتحاد الشيخ طلال بن محمد وأعضاء مجلس إدارة الاتحاد والمدربين العاملين واللجنة الأولمبية البحرينية برئاسة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة يدفع الاتحاد لمزيد من العمل.
طاجين: جاسم يمتلك شخصية متميزة
المدرب الجزائري نور الدين طاجين شُوهد وهو يتابع اللاعب بقلق، وأوضح أنه لم يكن يخاف من خسارة جاسم للميدالية الذهبية، وقال: «الخوف كان من بعض الأشياء وأولها الانطلاقة الخاطئة، لكن اللاعب أظهر أنه صاحب شخصية متميزة عندما أفصح لي عن ثقته العالية بإمكاناته وقال إنه سيفوز بالميدالية الذهبية بعونه تعالى».
وعن مجريات السابق قال طاجين: «خرج جاسم من المنعطف أولاً وبذل مجهوداً كبيراً ثم حاول المتسابقون اللحاق به فزاد من سرعته ووضع ثقله حتى يُتوج بالذهبية في سباق كان قوياً وأرى أنه أفضل سباق؛ لأن صغر سن جاسم جعله أكثر تميزاً ونافس فيه لاعبين كباراً في السن». وأهدى طاجين الميدالية الذهبية للمتألق جاسم إلى رئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة الشيخ فواز بن محمد آل خليفة على متابعته للمنتخب، كما أهدى الفوز إلى رئيس الاتحاد الشيخ طلال بن محمد الذي يحرص على الاتصال بالبعثة كل يوم أكثر من مرة، بالإضافة إلى الوفد الإداري والجمهور البحريني.
الشروقي: جاسم ترجم الجهود المبذولة بانتصار رائع
تفاعل الجميع مع بدء سباق 200 متر الذي مثّلنا فيه محمد جاسم، وكان إداري المنتخب علي الشروقي أحد المتفاعلين بشدة منذ اللحظة الأولى، وفور إعلان فوز جاسم بالميدالية الذهبية هبط الشروقي إلى المضمار وهنأ البطل وعانقه بشدة.
وقال الشروقي: «مصدر سعادتي هو أنها الميدالية العربية الذهبية الأولى لهذا اللاعب الموهوب، وعندما يشاهد الإنسان مجهوده يُترجم على أرض الواقع إلى ميداليات تُضاف إلى رصيد مملكة البحرين واتحاد ألعاب القوى، خصوصاً من لاعب صغير السن فإن الفرحة تكون أكبر بكثير مما لوكان الفائز في منتخب العموم». وتابع الشروقي: «توقعت أن يُحرز جاسم الميدالية الذهبية، لكن عندما بدأ السباق شاهدت المتسابقين الآخرين يتقدمون فكان لابد لي أن أرتبك، وما لبث الارتباك أن تحوّل إلى ثقة واطمئنان عندما تقدّم اللاعب بثقة نحو خط النهاية». وأشار الشروقي إلى أن فوز جاسم كان مستحقاً؛ لأنه كان واثقاً ولم يرتبك منذ أن كنا في الفندق قبل صعود الحافلة التي أقلّت المنتخب إلى استاد الكلية الحربية، مضيفاً: «وعند الإحماء شجعته وأوصيته بالتركيز واللعب بقوة وتحقق المراد وصعد منصة التتويج بطلاً لسباق من أصعب السباقات»
العدد 2802 - السبت 08 مايو 2010م الموافق 23 جمادى الأولى 1431هـ