العدد 2802 - السبت 08 مايو 2010م الموافق 23 جمادى الأولى 1431هـ

الصين والعرب وآفاق المستقبل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استضافت البحرين الندوة الثانية للتعاون العربي الصيني في مجال الإعلام، يومي الخميس والجمعة (6-7 الجاري)، بمشاركة وفود صينية وعربية، مع غيابٍٍ كبيرٍٍ للصحافة المحلية والصحافيين البحرينيين.

من الدول العربية غابت قطر وليبيا والعراق، وشارك البقية بشخص أو أكثر، رسمي أو أهلي، من العاملين بالقطاع الإعلامي، جاء بعضهم من أقصى البلاد... كالصومال وجزر القمر.

الحدث مهمٌ بلاشك، فالصينيون يودون التقرّب ومدّ الجسور للمنطقة العربية التي كانت تعتبر أرضاً خاصة بالنفوذ الغربي. والصين تمثل -إلى جانب الهند- القوة الصاعدة في المستقبل، التي تعِدُ بإحداث نوعٍ من التوازن في ميزان القوى بين الشرق والغرب، بعد أربعة قرون من التبعية والاستعمار.

الصين اليوم أحد الأقطاب ذات الثقل السياسي والاقتصادي الكبير في العالم، فمساحتها تقارب العشرة ملايين كيلومتر مربع، (العالم العربي يبلغ 14 مليون كم)، وسكانها مليار و300 مليون (العرب 300 مليون فقط). وهما معاً يمثلان سدس مساحة اليابسة وربع سكان العالم، كما يقول السفير الصيني السابق المتخصّص بالشئون العربية. كما أشار في مقالٍ له إلى أن إجمالي الناتج المحلي الصيني العام 2007 بلغ 3 تريليونات دولار، مقابل 2.2 تريليون لكل الدول العربية، وهو قياسٌ مع الفارق كما يقول الفقهاء، فأغلب الدخل العربي يأتي من بيع النفط والغاز والمواد الأولية، وليس من الإنتاج الحقيقي.

في اليوم الأول تحدّث رئيس مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني، عمّا تمثله الحضارتان العربية والصينية من كنورٍ إنسانية، وما قدمتاه من إسهاماتٍ إيجابيةٍ لتقدّم الحضارة البشرية. وهي نظرةٌ صادقةٌ وموضوعيةٌ، لا نجدها في الجانب الغربي، الذي لم نلق منه غير السيطرة الاستعمارية والتعالي العنصري وذل الاحتلال.

السفير الصيني الحالي بالبحرين ألقى كلمة بالعربية الفصحى، كأنه أحد أبنائها، أثارت دهشة الحضور. وفي الجلسات كان الصينيون يقومون بالترجمة، وفي نهاية الجلسة الأخيرة سألت اثنتين من المترجِمات، عن سرّ دراستهما العربية، لقناعتي بصعوبة تعلّم لغتنا الجميلة، فأشارتا إلى وجود جامعات ومعاهد متخصصة منذ عقودٍ تعلّم العربية، والبعض كان يحصل على بعثاتٍ لإتمام الدراسة بالدول العربية. ولم يقتصر الأمر على هاتين السيدتين (في الخمسينيات من العمر)، بل لاحظت وجود شباب وشابات يجدن العربية، وبعضهم يفهمها ولكن قد يواجه صعوبةً في التحدّث بها. هؤلاء يعملون في وسائل إعلام ووكالات أنباء ومجلات وصحف ومواقع إلكترونية. وجود آلاف الكوادر الناطقة بالعربية، وما صُرف على تعليمها، هو أحد أوضح الشواهد على سياسات الدول الناهضة، التي تخطّط لعقودٍ مقبلة، بينما نحن في العالم العربي لا نمتلك خطةً سياسيةً أو اقتصاديةً حقيقيةً لأبعد من عامين في أحسن الظروف.

اليوم تقف الصين كواحدةٍ من أكبر القوى الاقتصادية في العالم، والتي تشكو الولايات المتحدة من غلبتها في الميزان التجاري، ومع ذلك حين تستمع إلى المسئول الصيني، فستجده متواضعاً في حديثه، فهو يقول بالحرف: «نحن أكبر دولة نامية»، ويعترف بوجود «100 مليون صيني تحت خط الفقر»، فهو لا يكابر ولا يتبجح ولا يخفي الحقائق عن واقع شعبه.

الأرقام لغة العصر، وهي عنصر قوة في حديث الصينيين، والمفارقة أن أحد المداخلين (مسئول إعلامي من دولة خليجية)، احتج على ذكر الأرقام، «فقد كان أولى أن توزّع في بيانٍ على الحضور توفيراً للوقت»! فنحن أمةٌ مازالت تعيش على شبكة البلاغة العنكبوتية ولا تطربها غير لغة الإنشاء والتصفيق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2802 - السبت 08 مايو 2010م الموافق 23 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:31 م

      الحجى

      الصين تعترف ان هناك فقر .. بس عندنا الفقر ما تعترف به حكومتنا المؤقره !

    • زائر 3 | 3:22 ص

      ليس لدينا فقر

      "ويعترف المسؤول الصيني بوجود «100 مليون صيني تحت خط الفقر» لكن نحن ليس لدينا فقر ولا فقراء. وليس هناك خط فقر أصلاً. كل الشعوب العربية تعيش في بحبوحة من رغد العيش.

    • زائر 2 | 3:05 ص

      السياسة فن وتجارة

      قبل ثلاثين سنة كان الذي يذهب للصين يقبض عليه وتلفق له تهمة سياسية. الآن يدخل الصينيين بلادنا من باب التجارة. السياسة تجارة. فهل من معتبر؟

    • زائر 1 | 1:39 ص

      الوحدة اولا

      خلهم يتوحدون العرب على كلمة وحدة بعدين يفكرون في التعامل مع الصين.

اقرأ ايضاً