«كل ما قلبي عم ينبض وبعزي، بتبقي ملكة وما بقبل تنّْهزي. شغلي وسهري وتعبي عشانك، عندي فيهن لذّة. نحنا ما عنَّا بنات تتوظَّف بشهادتها، عنَّا البنت بتدلَّل كلّْ شي بيجي لخدمتها. شغلك قلبي وعاطفتي وحناني، مش رح تفضي لأي شي تاني، بيكفي إنِّك رئيسة جمهورية قلبي. شيلي الفكرة من بالك أحلالك، ليش بتجيبي المشاكل لحالك؟ تَنفرض بقبل تشتغلي، شو منعمل بجمالك؟ بكرا المدير بيعشق وبيتحرّك إحساسو، وطبيعي إني إنزل هدّْ الشركة عَ راسو.حقوق المرأة عَ عيني وعَ راسي، بس يا ريتك بتراعي إحساسي، وجودك حدي بقوِّيني، وهيدا شي أساسي. وشو هالوظيفة اللي بدا تفرِّق ما بيني وبينك، يلعن بيّْ المصاري بحرقها كرامة عينك».
ذلك كان النص الكامل لكلمات أغنية «محمد إسكندر»، الذي يعكس بشكل واضح لا غبار فيه «أنانية» الرجل العربي، ويفوح برائحة «ذكوريته المتعجرفة»، بغض النظر عن تبوء «إمرأة إسكندر» كرسي رئاسة الجمهورية في قلبه.
كلمات هذه الأغنية لا تختلف في جوهرها عن كلمات قصائد لشعراء عرب كانوا يقولون في المرأة :
سميتها إذا ولدت تموت والقبر صهر ضامن وبيت
أو كما يقول المعري:
إذا بلغ الوليد لديك عشراً فلا يدخل على الحرم الوليدُ
فإن خالفتني وأضعت نصحي فأنت وإن رزقت حجى بليدُ
ألا إن النساء حبال سوءٍ بـهـن يضـيع الشـرف التليد
ليست هناك حاجة إلى الخوض في مستوى تلك الأغنية الفني، نصّاً وتلحيناً وأداءً، كي لا يزجّ القارئ في حوار جانبي خارج ما يفصح به ما جاء في تلك الأغنية من «احتقار» مبطن للمرأة حين يقول «نحنا ما عنَّا بنات تتوظَّف بشهادتها»، غلفته كلمات مزيفة مثل «يلعن بيّْ المصاري بحرقها كرامة عينك».
لا نريد أن نحمل الأغنية، ومعها النصل أكثر مما تستحقه، لكن قراءة، حتى وإن كانت سريعة لذلك النص تكشف استمرار سيادة التخلف الاجتماعي في الفكر العربي المعاصر، شاملاً المرأة والرجل على حد سواء، وتزيح تلك القشرة الرقيقة «التقدمية» الزائفة، التي لا تزيد سماكتها عن قشرة البصل الخارجية، وغير القادرة على الصمود في وجه موجة موقف المجتمع العربي المعادية اليوم للمرأة والكثير من قضاياها، خاصة عند تناول مسألة المفاضلة بين «خروج المرأة للعمل أو بقائها أسيرة جدران ذلك المنزل».
نحن اليوم، بفضل تلك الأغنية، ونصوص كثيرة غيرها، أصبحنا نعيش مرحلة تسبق عودة قاسم أمين من فرنسا بعد أن أمضى أربع سنوات بين ربوع جامعاتها، يحتك بالمجتمع الفرنسي المتحرر، أكثر مما كان يتلقاه في فصول الدراسة. تعاطف أمين مع محمد عبده، ولم يكن مشدوهاً أو منبهراً بالتنوير الفرنسي، بقدر ما كان منفتحاً عليه، وفاتحاً رئتيه كي تمتلئا بكتابات مفكري عصر النهضة ومن تلاهم، دون أن يفقد خلفيته العربية الإسلامية التي لا تدعه يتردد ولو للحظة واحدة كي يقف، وبكل شجاعة، ويتولى الرد على تطاولات الكونت داركور على المصريين.
قاسم أمين كان يدرك أهمية دور المرأة، لذلك وجدناه كما يقول عنه نسيم الكورد «يرى أن تربية النساء هي أساس كل شيء وتؤدي لإقامة المجتمع المصري الصالح وتخرج أجيالاً صالحة من البنين والبنات فعمل على تحرير المرأة المسلمة وذاعت شهرته وتلقى بالمقابل هجوماً كبيراً فخلطت دعوته بالدعوة إلى الانحلال والسفور رغم أنه لم يدعُ لذلك في كتاباته».
أما المفكر الإسلامي محمد عمارة، فيستشهد بكتابات من سبق قاسم أمين فيما يتعلق بالدفاع عن حرية المرأة، فيورد اسم أحمد فارس الشدياق (1804-1888)، لكنه يعود كي يلفت بأن ما يميّز أمين عن «كل من عداه أن حديثهم عن (تحرير المرأة) والنهوض بها كان أمراً من أمور كثيرة تناولوها فيما أبدعوه من أفكار وآثار، أما هو فقد وهب كل جهوده وجميع آثاره - تقريبًا - لهذه الدعوة، حتى صار علماً عليها ورمزاً لها، فإذا لم تكن للرجل ريادة السبق، فإن له الريادة في تكريس كل جهده الفكري لهذه القضية قبل غيرها من قضايا الإصلاح».
وفي ذلك الكثير من الحق فقد أفرد أمين للحديث عن قضايا المرأة هما: «تحرير المرأة»، في العام 1899 و«المرأة الجديدة» في العام 1900، وأصرَّ في أكثر من مناسبة على أن « صلاح الأمة على صلاح النساء، وتحقيقهن مشاركة الرجال». كما تميَّز، كما يقول عنه حسن خضر «بتخصيص جُلِّ اهتمامه لقضية المرأة في إطار الإصلاح التربوي الاجتماعي، دون غيره من مفكري الإصلاح. وهي الخصوصية الفكرية التي جعلت بين تحرير المرأة وذكر اسمه، أو استدعائه ارتباطاً شَرْطياً، فقضية تحرير المرأة وردت لدى مفكرين آخرين ضمن قضايا نهضوية عديدة».
واليوم ونحن نسمع ونقرأ الكثير مما يسيء للمرأة «ويحطُّ»، ندعو من يروِّجون لمثل ذلك أن يعودا قرناً واحداً إلى الوراء كي يجدوا أن الفكر العربي حينها، كان، وفيما يتعلق بالمرأة تحديداً، أكثر انفتاحاً وتقدمية مما هو عليه اليوم. نناشدهم أن يقرأوا أمين والشدياق، بل وحتى محمد عبده والكواكبي، كي يكتشفوا بأنفسهم ولأنفسهم أنهم – أي أولئك المصلحين السياسيين والاجتماعيين – قد سبقونا حتى بمعايير اليوم.
لذلك ليس من الإنصاف في شيء في حق المرأة أن نناقش قضاياها على أرضية أغنية إسكندر، لكن عندما يبلغ السيل الزبى، لا نستطيع أن نترك الحبل على الغارب، وهو أقل ما يمكن أن نقدمه لها. ولربما ذلك، يدعو فيما يدعو إليه، أن نتطلع إلى معجزة تمدُّنا بشخص من مستوى قاسم أمين، كي ينتشلنا مما نحن فيه من أوحال.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ
النفــــــــوذ ينصفه ... الواقــــــــــع
"غير أن الشرقية لا،لا يرض بدور غير أدوار.. أدوارالبطولة"فهل يا ترى كل رجل مؤهل للدور؟!ثم لابد من الإشارة إلى النفوذ "الأم/الزوجة/الأخت"والذي لا تدركه الأبصار لتوجيه ودعم"البطل"ومما لا يستطيع البيان ولا الكلام ايضاحه،أما في الميدان - كمنهل النهرالسخي - مُتمكّنة مستمدّة عزها من الدين والعفاف الإيماني تحترم البطولة وتقدّس المسؤولية والأخلاقيات المعنوية الدافعة ؛لتنهض بالشعوب نحو الخير الشامل وإحقاق الحق باللبنات العقلانية الحضارية.كل الشكر للكاتب وللوسط ...نهوض
مقالك يستحق الاهتمام والتنفيذ
مقالك اليوم يستحق من الجهات المعنية النظر له بعين الاعتبار ومن ثم التنفبذ لان المرأه اليوم اصبحت جزء لا يتجزء في المجتمع ولها دور كبير في تنمية المجتمع . فبدونها لايمكن ان نعيش لان العاطفة تلعب دور كبير في الحياة رغم اننا لا نعتمد عليها لاكن تكوون مهمة . اتمنى من الجهات المسئوولة ان تحقق كل مكالب المرأه ولا تهمشها وان تكوون منصفة مع المرآه حالها كحال الرجال المرآه اليوم دخلت سووق العمل وتعمل بجد واخلاص يعتمد عليها في امور كثيرة وتبذل سعيها وجهدها .والله يخليكم ويحفظم واشكر الاستاذ عبيدلي تحياتي
أمور لا بد من تهذيبها وتقليمها
إستغلال الدين والعباءة الإسلامية لعب على الناس وأكل حقوقهم بالباطل ، جرائم الخلوات وإستغلال مواقع العمل للعلاقات العاطفية من سمع منكم أحد نبه عن مثل هذه الأمور وخاصة عندما تقع أحد النساء في علاقة حميمة مع موظف درجة 5 إعتيادية وتشكل مصير دائرة برمتها من خلال الوضع المؤمل بها والقائم به ذاك الموظف ومنحه صلاحيات أكبر من حجمه الطبيعي
دورة ال 20 ألف لن تصنع مخلوق جديد
في الوقت الذي تمر به المصروفات للعديد من الترشيد في الإنفاق وطال ذلك مخصصات العمل الإضافي حظيت أحد النساء بدورة لا تتعدى إسبوعين في لندن بتكلفة زادت عن ال 20 ألف دينار بعدما أبدت نقصا حادا في أهلية الأداء ولم يكتف الأمر بذلك فالموظف الهندي على أتم الإستعداد لسد النقص ونحن بدورنا نوصل مسج بأن هناك العديد من الطاقات التي تنتظر دورها
لن نتعامل مع أرقام ولكن مع سلوكيات
لا تزال بعض السلوكيات والممارسات التي تتخذها بعض النساء بعيدة عن مبدأ العقاب وذلك خاصة عندما تستغل مهمة أسندت إليها بالإستغلال البشع للثقة العمياء مع تحيات ( ندى أحمد)