مواكبة لمسيرة المسرح في عمان وموقعه من الفنون الأخرى كأب لها جميعا ولما ما يحظى به من مكانه على المستوى العالمي واهتمام بارز من قبل الجماهير من معجبين ومبتدئين وموهوبين في سلك هذا الفن العريق... أقيمت وعلى مسرح قاعة عمان بكلية العلوم التطبيقية بصحار طيلة خمسة أيام متواصلة فعاليات أيام صحار المسرحية الثانية، والتي تضمنت خمسة عروض مسرحية من تمثيل وإعداد وإخراج الطلاب.
إذ تعتبر أيام صحار المسرحية إحدى الفعاليات المتميزة على مستوى المسرح الجامعي في السلطنة. وشارك في لجنة التحكيم والنقد عدد من الفنانين المعروفين والمختصين في المجال الفني بالسلطنة ومنهم: يوسف البلوشي، وعزة القصابية ومريم الفزارية وبدر النبهاني. وقد قدمت المسرحيات من قبل خمسة فرق من تشكيل طلاب وطالبات كلية العلوم التطبيقية بصحار.
ويأتي المهرجان هذا العام ليؤكد على أهمية المسرح الجامعي وضرورة وجوده لاكتشاف مواهب جديدة في المسرح ومن ثم الزجّ بها إلى الوسط الفني مستقبلا، ومحققا العديد من الأهداف والتي من أبرزها خلق جوٍ تنافسي مسرحي بين الطلبة، ورفع مستوى الأداء الفني لهم، والعمل على إيجاد مسرحيات ذات مستوى رفيع، بالإضافة إلى تنمية قدرات ومواهب الطلبة على المسرح وإظهار وجوه فنية مسرحية جديدة... وكان المهرجان قد انطلق بفكرة وتشجيع قسم شئون الطلاب ودعم إدارة الكلية.
وابتدأت أيام صحار المسرحية الثانية بحفل الافتتاح والذي رعاه سعادة السيد هلال بن بدر البوسعيدي وإلى صحار، وبحضور عدد من الفنانين والمهتمين.
وثم أقيمت المسرحية الأولى مسرحية صراخ الصمت الأخرس وهي للكاتب محيي الدين زي نكه نه، وإعداد وإخراج الطالب أحمد العجمي مخرج العرض الفائز بثاني أفضل عرض متكامل في الأسبوع الثقافي التاسع لكليات العلوم التطبيقية بصلالة العام الفائت. ولاقت مسرحية صراخ الصمت الأخرس إعجابا شديدا من الجمهور الحاضر وترجم ذلك تفاعلهم مع مشاهد المسرحية، والتي تناولت أهم مستجدات العصر العربي من أحداث سياسية واجتماعية، وما يحمله الفرد العربي من آهات وهموم فضل الصمت عنها.
أما العرض الثاني فاشتمل على مسرحية زرياب المقتبسة من مسرحية (عفوا مموزين) للكاتب أحمد إسماعيل وهي من تأليف الطالبتين: ميعاد الشيدية وآمنة المسلمانية، ومن إعداد وإخراج الطالب: حمد الزدجالي، وهو أفضل مخرج في أيام صحار المسرحية الأولى والفائز بأفضل عرض مسرحي متكامل في ذات الدورة. وتجسدت محاور المسرحية حول أحداث أوقعت الفواجع بفرقة مسرحية كانت في حالة من الذعر والقلق الوارد قبل العرض، بجانب المخرج الذي زاد الطين بله، حتى تم منعهم من عرض تلك المسرحية، الأمر الذي ألزمهم بعرض مسرحية أخرى من عروضهم القديمة فوقع اختيارهم على مسرحية زرياب، والتي انتهت بفاجعة حرمتهم جميعا من حق التمثيل.
اليوم الثالث مسرحيتان متتاليتان كانت أولهما وحوش المدينة، والثانية بلّها واشرب مايّها.
وحوش المدينة مسرحية مثيرة جدا، تحكي قصة الصراع الأزلي بين الخير والشر، وتصوّر كيف أن هناك فئة من الناس قد نسيت عقولها واتبعت أهواءها الشخصية في سبيل الشر فتصبح مستعبدة من قبل الفئة الضالة، إلى أن تظهر فئة الخير لتجابه الشر ولكنها لا تستطيع حلّ الشر. وقد انتهت المسرحية بمشهد استعراضي استخدمت فيه الخيول أحدهم للخير وآخر للشر، ويحدث بينهما صراع فيقتل فارس الخير وينتصر فارس الشر رغم أن لونه أبيض، وهو دلالة على أن المظاهر لا تدلّ على الجواهر.
وهي مسرحية بلّها واشرب مايّها، تأليف ناصر العيسائي، وإخراج مؤيد العيسائي، وتحكي قصة الشباب الطموح والمؤهل بالشهادة الدراسية ويعانون من البحث عن الوظائف والتردد بين المؤسسات الحكومية والخاصة، والضغوطات التي يعانونها خلال عملية البحث عن العمل.
في اليوم الرابع الرابع مسرحية «زهرة الحكايا» من تقديم الفرقة النسائية بالكلية، وهي مسرحية مقتبسة للكاتب عباس الحايك ومن إعداد وإخراج وبطولة إسراء العجمية، وهي إحدى الموهوبات في مسرح كلية العلوم التطبيقية بصحار وحائزة على جائزة تميز في التمثيل على مستوى كليات التربية ومخرجة العرض الفائز بثاني أفضل عرض متكامل في أيام صحار المسرحية الأولى.
ودارت أحداث المسرحية حول قصة الفتاة التي فقدت شعرها إثر إصابتها بمرض وهي في الثامنة من عمرها ما أدى إلى منعها من قبل أهلها من الخروج من البيت، وتمضي الأيام وتكبر البنت إلى أن يحين موعد زواج صديقة عمرها فتصرّ البنت على الخروج من البيت لتحضر فرحة صديقتها، وأثناء حضورها للاحتفالات تتلقى ضربة رصاص من بندقية تم استخدامها للتعبير عن الفرحة. تهدف المسرحية إلى توضيح الرسالة التي تنص على أنه مع الحرية الكبيرة الممنوحة للبنات في هذه الأيام إلا أن هناك من يدعو إلى التمسك بالعادات القديمة وهي أفضل بكثير من الحرية السلبية.
واختتمت أيام صحار المسرحية بحفل الختام والذي رعاهمدير عام كليات العلوم التطبيقية سعيد بن حمد الربيعي وبحضور عدد من الشخصيات والفنانين.
وابتدأ الحفل بلوحة فنية قدمتها اللجنة الفنية بكلية العلوم التطبيقية بصحار ممثلة بجماعة المسرح، واشتملت على مقتطفات متفرقة من الفن المسرحي واختتمت بترحيب بالحاضرين في أيام صحار المسرحية الثانية.
وبعدها تم عرض مسرحية موازية قدمتها فرقة الصحوة المسرحية بعنوان «فؤادي أقتل» من تأليف توفيق الحكيم وإخراج وليد الغداني، وبطولة الفنانة أمينة جميل والفنان وليد الغداني والفنانة غالية السيابية والفنان سالم الفوري.
وبعد المسرحية ابتدأ عرض فيلم مصور من تقديم اللجنة الإعلامية يحكي قصة أيام صحار المسرحية الثانية والمسرحيات الخمسة التي تم عرضها خلال فترة الفعالية، وهي مسرحيات: صراخ الصمت الأخرس وزرياب ووحوش المدينة وبلّها واشرب مايّها وزهرة الحكايا.
وبعد الفيلم تم تكريم المشاركين في أيام صحار المسرحية الثانية، وتم بعدها إعلان نتائج الفائزين والتي جاءت كالتالي:
أفضل عرض مسرحي متكامل: مسرحية وحوش المدينة، أفضل إخراج: تركي البلوشي لمسرحية وحوش المدينة، أفضل سينوغرافيا لمسرحية زرياب من إخراج حمد الزدجالي، أفضل ديكور مناصفة بين عرضي صراخ الصمت الأخرس وزرياب، أفضل ممثل مناصفة بين تركي البلوشي لمسرحية صراخ الصمت الأخرس وأحمد العويني لمسرحية وحوش المدينة، جائزة لجنة التحكيم والجمهور لأفضل عرض لمسرحية زهرة الحكايا، جائزة أفضل ممثلة لإسراء العجمية، أما جوائز التميّز في التمثيل ذهبت لكل من خالد الظهوري، أحمد المكتومي، الطفلة فاطمة الشبلية، أما جائزة التميز في الإخراج فذهبت لأحمد العجمي ومؤيد العيسائي.
الجدير بالذكر أن جميع المسرحيات التي تم عرضها في أيام صحار المسرحية الثانية هي من إعداد وإخراج وتمثيل طلبة وطالبات كلية العلوم التطبيقية، ما يعد إضافة جيّدة للوسط الفني المحلي.
العدد 2379 - الأربعاء 11 مارس 2009م الموافق 14 ربيع الاول 1430هـ