عبر الزمن تغيرت الكثير من الأشياء في حياتنا، تطورت وتقدمت، تراجعت ودخلت أماكن غريبة، وقدمت أساليب لم نتوقعها في بعض الأحيان، من بين أهم الأشياء التي لطالما شهدنا تبدلات وتحولات فيها، موضات الملابس والكماليات بأشكالها، وطبعاً موضات مستحضرات التجميل.
فما بين الأزياء التقليدية والشعبية القديمة لموضات متضاربة بالألوان والأشكال، عصور من النماذج والتصاميم، تغيَّرت مع تغير أحوال الشعوب وثقافتها، واندمجت وتهجنت مع أنماط ثقافات أخرى دخلت عليها. بعضها تميز وتفرد وكان مقبولاً ومقرباً من مختلف النماذج في العالم، وبعضها، بل ويمكن القول الكثير منها، بقي موجوداً في بيئته التي أنتجته، بل إنه في كثير من الأحيان انقرض مع الوقت من دون أن يتنقل أو يقترب من أطراف أخرى تستهلك هذه الأشياء، فتحول مع مرور السنين والقرون من أداة يستر الأشخاص أجسامهم بها أو يتقون بواسطتها الحر والبرد، إلى وسيلة للظهور والتجمل، بل وإعلان الهوية في بعض الأحيان.
ولعل عبارة «مظهرنا عنوانا الأول» تقدم بطريقة ما بطاقة تعريف مبدئية عنا، وتعلن عن جزء من شخصيتنا وانتمائنا، وهي عبارة حقيقية تعبر بشكل فعلي عن أهمية الأزياء وتغيراتها وتطورها على مر السنين في حياة الناس، فهي متبدلة مع تبدل الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، ومع دخول الجديد من الثقافة للمجتمعات.
ومن موضات الملابس التي اشتهرت عبر العالم، موضة ملابس «الهبيز» التي انتشرت في أواسط القرن الماضي، التي تعتمد على العشوائية في الألوان والفوضوية بالمظهر، فيطيل المنتمون إليها شعورهم، ويرتدون الحلي التي تحمل شعار حركتهم وشعارات السلام، كما أن هناك موضات تتصل بالمواد الخام التي ينتج منها الزي، التي يتصدرها عالمياً أقمشة الجينز، مازالت تعتبر القطعة الأكثر رواجاً وشيوعاً عالمياً على رغم تبدل تصاميمها وأشكالها، وألوانها وقصاتها. فالجينز النموذج الذي تمتلكه الغالبية من الناس، ما لم نبالغ ونقول إن الجميع تعاملوا بشكل أو بآخر مع هذه الموضة على مر السنين. ويرى البعض أن الملابس والموضات تعبر بأساليب مختلفة عن صاحبها، فهي في بعض الأحيان تحدد لأية طبقة اقتصادية ينتمي إليها، وتدل على هويته وانتمائه، وخصوصاً إذا كان ما يرتديه يقارب أنموذجاً للأزياء الشعبية في بلده، لكن تم إدخال تعديلات وتغيرات عليه... وفي بعض الأحيان تعطي الملابس مؤشرات على الحالة النفسية للشخص الذي يرتديها، كما أنها أسلوب تستعرض به فئة الشباب مدى متابعتها لأهم أخبار هذا القطاع، ولما يرتديه نجومهم المفضلون، وتحديداً في هوليوود. وعلى رغم أن الموضات اليوم تتعرض للكثير من الانتقادات والرفض، فإن البعض يرى أنها مرآة تعكس جانباً من جوانب ملامح المجتمع، وأنها ليست بذاك التأثير السلبي العميق الذي يؤخذ عليها، كما هو الحال مع نماذج الموضة المتطرفة في تفاصيلها، بل إنها على العكس، فعلى رغم زيادة عددها وعدد الناس الذين يتعاملون مع آخر صيحات الموضة، فإننا مازلنا نرى الملابس التقليدية العادية التي لبسها آباؤنا ومن قبلهم أجدادنا تنتشر بين مختلف الفئات.
وفي مقابل هذه الفئة، تخرج التعليقات المنتقدة والرافضة لغالبية تلك الملابس لتناقضها مع أنموذج الهوية العربية الذي نعلن عنه بدرجة ما من خلال أزيائنا وتجلياتنا أمام الناس.
وإن كانت بعض التقليعات والموضات في الملابس عاشت لسنوات أمثال أقمشة الجينز، فإن الكثير من القصات والتسريحات وأنماط الحقائب والأزياء والشنط مازالت حتى اليوم حية يستعملها الكثير من الناس في مختلف المناسبات. وأياً كانت الموضات اليوم، حتى التي تدخل على الملابس والأزياء الشعبية، كما هو الحال مع الموضات والصرعات التي يتم استخدامها على العباءات والأحجبة والأثواب الرجالية، فإن أصالة الكثير منها وتعمق قيمتها في المجتمع، سيحميها من الزوال والانقراض، كما هو الحال مع الكثير من الموضات التي عاشت لسنوات قضت عليها دفعة جديدة من موضات المواسم التي تلتها.
العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ