وسط الجدل الدائر بشأن المشكلة التحكيمية المستعصية في غالبية المسابقات المحلية في ألعابها الجماعية، نجد الكثير من الحلول الواقعية المفيدة تقريبا غائبة عن ذهن الكثيرين ممن لديهم القدرة على إيجاد حلول لهذه المعضلة وشرح قضاياها بتفصيل وتحليل من أجل أن يفهم الجمهور المتابع والمتحمس لفريقه كل القرارات التي حدثت وستحصل في مباريات مقبلة.
«الحكم، الكارت الأبيض، الصافرة» كلها أسماء برامج تقدمها القنوات الخليجية الرياضية لتستعرض من خلالها كل الجوانب التحكيمية التي حدثت في دوريات كرة القدم لديها، وأمثال هذه البرامج لا تفيد فقط الجمهور المشاهد لمعرفة صحة وأخطاء الحكام الذين يديرون مباريات فرقهم، بل وتفيد الطواقم التحكيمية أنفسها للتعرف عن قرب وبدقة أكبر على كل ما يتعلق بإدارتها للمباريات، وخصوصا إذا ما عملنا على تطبيق أمثال هذه البرامج بشكل محترف وباستخدام التكنولوجيا الجديدة في الأمور التحكيمية.
نحن في «الوسط الرياضي» وعبر الصفحات الأسبوعية التحليلية لمباريات دوري الاتحاد وبيت التمويل الخليجي لكرة اليد نقوم وعبر الحكم الدولي المتقاعد وعضو لجنة المسابقات بالاتحاد حاليا رضي حبيب بشرح بعض القواعد التي تبنى عليها اللعبة وضرب أمثلة عليها من حوادث حصلت في المباريات، والهدف ليس لملء مساحة في الصفحة، وإنما جعلها نافذة يستفيد منها الجمهور والحكم القارئ أيضا، وأمثال هذه الأمور تنور الكثير من الطريق سواء للجمهور الغاضب دائما وللحكام الذين لا يعترفون بأخطائهم وإن كانت واضحة وضوح الشمس.
القناة الرياضية وعلى رغم معرفتنا بعجزها التام عن إقامة مثل هذه البرامج واعتمادها بشكل أكبر على المواد المعادة والمسجلة، إلا أنها قادرة على وضع يدها على هذا الخلل الحاصل والمساعدة في عملية تذويب الفجوة العالقة بين الحكم والجمهور واللاعبين والفرق التي باتت تنادي بعدم رغبتها في إدارة بعض الحكام لمبارياتها، وذلك من خلال القيام ببرنامج تحكيمي أسبوعي بدلا من البرامج الكثيرة عن سباقات الخيل، يقرب الجمهور من المسابقات المحببة لديه، ويسدي الفائدة المرجوة لكل مشجع متعصب لفريقه، بشرط أن تبتعد القناة عن المجاملات ومحاولة تجميل جانب على جانب والتوضيح دائما بعدم وجود أخطاء كما هي لجان التحكيم والمسابقات في اتحاداتنا، لأن ذلك لن يفيد في طريق تصحيح الخطأ، نعم نحن نعترف بأن الحكم إنسان غير معصوم عن الوقوع في الخطأ وجل من لا يخطأ، لكن علينا أن نسعى لتوضيح الصحيح من الخطأ وعلى الحكام والجمهور أن يتقبلوا كل القرارات التي ستوضح من خلال الشاشة الفضية، ولاسيما إذا كان الطرف الذي سيقدم هذه التفاصيل ضالع في تفاصيل التحكيم، ويكون مقدم البرنامج قريبا من مفاهيم هذه الرياضات.
الأسبوع المقبل عاش الجميع على وقع ركلة الجزاء الخيالية التي احتسبها حكم لقاء المحرق والحد نواف شاهين لصالح الأول قبل دقيقة ونصف من النهاية، وبعدها بأيام قليلة شاهد الكثير ضربة الجزاء الخيالية الأخرى التي احتسبها حكم لقاء إنتر ميلان وروما في الدوري الإيطالي لصالح الأول، كيف كان الحل يا ترى في هاتين الحالتين، وكيف تعاملت اللجان التحكيمية في الاتحادين مع خطأ الحكمين؟
ففي قبال صمت مطبق لدينا في البحرين، جاء الرد قويا من إيطاليا بتصريح لرئيس لجنة الحكام الإيطالية الحكم العالمي السابق كولينا بإسقاطه حكم لقاء الإنتر وروما إلى مصاف الدرجة الثانية عقابا له على احتسابه ركلة الجزاء الخرافية، بينما نحن تعمل لجنة الانضباط باتحاد القدم وغيرها في الاتحادات الأخرى على تغريم الأندية المخطئة من دون أن تنبس ببنت شفة جراء أخطاء حكامها.
على الجميع من حكام ومسئولين في اتحادات وطنية وحتى القناة الرياضية أن يسعوا بجد واجتهاد للقضاء على الفجوة الكبيرة التي تكونت بين الحكام والفرق الرياضية وجماهيرها، من خلال الكثير من الضوابط والأمور القادرة على سد هذه الفجوة، ومنها القيام بأمثال هذه البرامج التلفزيونية.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2378 - الثلثاء 10 مارس 2009م الموافق 13 ربيع الاول 1430هـ