اقتراح نقدّمه لجمعية المعلّمين، بعد أن شاهدنا محاولاتها الساخنة مع وزارة التربية والتعليم، للمطالبة بحفظ حقوق المعلّم وتوسيع نطاق حرّيته، وبالتالي العمل على تحسين وضعه، وتأطيره في الإطار المناسب.
والاقتراح الذي نوصي به جمعية المعلمين، هو تحويل الجمعية إلى «نقابة» وفقا لما قرره مجلس النواب، في جلسته يوم الثلثاء بتاريخ 20 مايو/ أيار 2003، كما ورد في الصحافة المحلية بتاريخ 21 مايو 2003، إذ وافق المجلس في جلسته على تعديل قانون النقابات، بحيث يسمح للعاملين في الحكومة بتشكيل نقاباتهم المستقلة، باعتبار أن الدستور أكّد هذا الحق من دون تمييز في المادة (27)، كما أن هذا الحق يتماشى مع ما تنص عليه اتفاقيات الأمم المتحدة ومنظّمة العمل الدولية والعربية.
وقبل الخوض في هذا الاقتراح، نود أن نقدّم لقرّائنا الأعزاء نبذة بسيطة عن معنى كلمة نقابة، وأهدافها، وشروط تأسيسها، وأساليبها، حتى تكون الصورة متكاملة لديهم، فكلمة نقابة تعني:
تنظيما قانونيا، يتكون من أشخاص يتعاطون لمهنة واحدة، أو مجموعة مهن متقاربة، أو صناعة حرفية مرتبطة ببعضها بعضا، وهي تستهدف تحسين ظروف عملهم قانونيا وماديا.
أما أهداف النقابة فهي كثيرة، ويتجلى بعضها في الآتي:
1- تنظيم العمال والموظّفين والحرفيين والمهنيين وتمثيلهم.
2- الاطلاع على صعوبات ومشكلات المنخرطين، المادية والاجتماعية، ودراستها ومن ثم تحويلها إلى مطالب.
3- حث أرباب العمل والمسئولين على تنبيه مطالب المنخرطين في المجال نفسه.
4- القيام بأنشطة اجتماعية يستفيد منها المنخرطون، كصناديق التعاضد والتقاعد.
وأما شروط تأسيس النقابات، فإنها تخضع إلى:
- القانون الأساسي للنقابة المزمع إنشاؤها.
- لائحة تامة تتضمن معلومات عن الأشخاص المكلّفين بتسيير النقابة.
وللنقابة أساليب عدّة في توصيل حقوق الناس، فمنها على سبيل المثال:
الحوار، والإضراب، والتنسيق، وهي أدوات قوية في يدها، لإيصال صوت المستحقين إلى مسئوليهم في الدولة، وحتى تحفظ حقوقهم بعد أن تجاهلها أو تعدى عليها الآخرون.
ورجوعا إلى اقتراحنا السابق بشأن نقابة المعلمين، فإنه من المحبّذ أن يتم إنشاء جمعية للمعلمين في كل مدرسة، ويتم التواصل بين الجمعيات والنقابة بشكل مستمر، ما يؤدي إلى إحداث نوع من الشفافية في العمل، ومن ثم يحفظ للمعلّم حقه من مسئولهِ، وبالتالي يقل الشعور بالظلم والاضطهاد، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الإنتاجية في العمل والتنافس للأفضل.
إن مهنة العمل كمدرّس أصبحت في نظر البعض من المهن المبتذلة، ومهما حاولت هيئة ضمان الجودة أو مجلس التنمية الاقتصادية لتغيير هذه النظرة، فإنها لا تستطيع من دون وجود آليات عمل حقيقية لنقابة المدرسين، تنقل لهم معاناة المدرّس وشكواه.
فالمدرّس يعتقد بأن حقّه مهضوم، وعمله أكثر من تقويمه، ووعود الوزارة فارغة، ولو انتظرها لمات قبل أن توفي الوزارة حق المعلم، وعلى سبيل المثال دخول الدرجة الجديدة في كشف الراتب، والتي أُعطيت بطريقة عشوائية وبعيدة عن الإنصاف لبعض المعلّمين دون غيرهم.
وحتى المدرّس الحاصل على الدرجة السادسة، والذي خدم المؤسسة التعليمية لسنين طويلة، فإنه حرم من الحصول على تعديل الدرجات في الوزارة، الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من المعلمين، وزاد حنقهم على المؤسسة التي تربي الأجيال.
فلا يوجد كتاب مطبوع يبيّن للمدرّس حقوقه وواجباته بشكل قانوني، فنحن لا نرى إلا التعاميم الجزائية، أو المنشورات التي ليست في مصلحته.
ولكن في ظل وجود جمعية للمعلمين داخل كل مدرسة تتبع نقابة المعلّمين، فان صوت كل معلم وحقه، سيصل إلى المسئولين في الدولة بطريقة تنظيمية وأكاديمية وقانونية، كما يحفظ حق الدولة أيضا، بعيدا عن الغوغائية والفوضى.
وخاصة أن وزير شئون مجلس الوزراء آنذاك محمد المطوّع، قد أكّد أن الحكومة لا ترفض هذا الحق -أي النقابة- وإنما أرادت التدرّج في مسألة تشكيل النقابات، وفضّلت أن تبدأ في القطاع الخاص، ومن ثمّ في القطاع الحكومي.
ونحن نعتقد بأنّ ست سنوات من تصريح الوزير، كافية لنضج ووصول النقابات داخل المؤسسات الحكومية في الدولة، كما نتمنى ألا يكون ما ذكرناه من موافقة مجلس النواب في 2003، مجرّد فرقعات إعلامية، بعيدة عن الواقع المُعاش!
فهل يا تُرى يتحقق حلم وجود «نقابة» للمعلّمين؟!
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2378 - الثلثاء 10 مارس 2009م الموافق 13 ربيع الاول 1430هـ