العدد 2794 - الجمعة 30 أبريل 2010م الموافق 15 جمادى الأولى 1431هـ

المفاوضات المذلّة تفويض لمواصلة الاستيطان

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في فلسطين المحتلة يواصل العدوّ عملياته الإرهابية، في اغتيال الشباب الفلسطيني المجاهد على مرأى ومسمع من العالم، الذي لا يُحرّك ساكناً أمام هذه المشاهد التي تُهدّم فيها البيوت على رؤوس أصحابها، وأمام أعين العائلات والأطفال والشيوخ... وإلى جانب ذلك تتوالى عمليات الاعتقال في السجن الكبير، في الضفة الغربية، التي يُراد للسلطة الفلسطينية فيها أن تقوم بدور الشرطي لحساب الاحتلال، فيما لا ترد الأذى والإرهاب عن أهلها.

وفي المقابل، فإن الأنظمة العربية، ومن خلال الجامعة العربية، أوشكت على تقديم موافقة جديدة لهذه السلطة لكي تعود إلى نقطة الصفر في مفاوضات السقوط أمام الاحتلال، لتعطي العدوّ فرصة جديدة للخروج من دائرة الإحراج التي لاحقته في بعض جوانبها الشكلية، عندما قرر أن يواصل زحفه الاستيطاني، متجاوزاً حتى الملاحظات الشكلية الأميركية وغيرها.

إننا نعتقد أن إعطاء الجامعة العربية الضوء الأخضر للسلطة الفلسطينية لتواصل مسيرة المفاوضات المذلّة، يمثل تفويضاً عربياً جديداً للإدارة الأميركية لكي تتحكّم أكثر بمسار الأمور في المنطقة، ولتعطي العدو فرصة جديدة لمواصلة الاستيطان داخل القدس، حتى مع التزامه بتجميده بطريقة مبهمة، ولتمضي قدماً في حربها السياسية والإعلامية والاقتصادية ضد إيران، وصولاً إلى فرض عقوبات جديدة عليها، تحت عنوان الملف النووي، في الوقت الذي يعرف الجميع أن ما تدفعه إيران من أثمان سياسية ثقيلة إنما هو لحساب القضية الفلسطينية نفسها، ولحساب قضية الاستقلال والتحرر من كل أنواع الاحتلال في المنطقة.

وإلى جانب ذلك، تتصاعد الحملة الغربية المتعددة الوجوه والأشكال ضد الإسلام، من خلال الإساءات الكبرى التي توجّه للرسول الأكرم (ص)، تارة تحت عناوين الرسوم المسيئة التي يُعاد نشرها بين الوقت والآخر في عدد من الصحف الغربية والاسكندينافية منها على وجه الخصوص، وطوراً من خلال الهجوم الإعلامي والإعلاني التشويهي ضد الرسول (ص) وزوجاته، بالطريقة التي يُراد للمسألة أن تتحوّل إلى حرب إعلامية ثقافية تطاول الإسلام في رمزه الأول، وفي مفاهيمه ومناهجه، وصولاً إلى الحرب على الوجود الإسلامي نفسه في البلدان الغربية، وخصوصاً الأوروبية.

وإنه لمن المعيب حقاً أن تتوالى الحملات على الإسلام في الغرب، وعبر أجهزة الاتصالات والإعلام الحديثة، بعناوين مختلفة لم يكن آخرها مسألة البرقع في فرنسا، فيما يواصل فريق تكفيري ومتعصب داخل الأمة حربه على المسلمين في مساجدهم، متسلحاً بعقلية مذهبية إقصائية وذهنية قاتلة، تسمح لنفسها باستباحة المساجد وقتل المؤمنين والمصلين بطريقة وحشية وإجرامية لا تَمُتُّ بصلة إلى الإسلام ومبادئه وشرائعه، وهو ما شاهدناه قبل أيام في بغداد، وفي المشاهد التي أفرحت الاحتلال وأعداء الأمة، وأثارت السخط لدى كل الحريصين على الإسلام والوحدة الإسلامية.

إننا في الوقت الذي نشير إلى أهمية الأصوات التي ارتفعت لتدين هذه العمليات التفجيرية الوحشية، نؤكد على علماء المسلمين في كل مكان السعي لتطويق هذه المعقّدة، بالمزيد من المواقف الشرعية الجريئة التي تقطع الطريق على الأعداء، وعلى كل من تسوّل له نفسه تدمير الأمة وتفخيخ وحدتها بأساليبه الإرهابية الظالمة.

ونصل إلى لبنان الذي أريد له في الأسابيع والأيام الأخيرة أن يكون عروس الشعر، في الحملة الأميركية الإسرائيلية المنظّمة، الزاعمة أن المقاومة تزوّدت مؤخراً بصواريخ جديدة، وأن تسلّحها يفوق تسلح غالبية حكومات العالم، في عملية تضخيم وتزوير للوقائع تهدف إلى تسليط الضوء على المقاومة وسلاحها، لجعلها مادة للإثارة الإعلامية التي تصرف الأنظار عن الإرهاب الصهيوني بحق الفلسطينيين، وعن الزحف الاستيطاني الذي يُراد له أن يأكل فلسطين كلها والقضية الفلسطينية بالكامل، وعلى وقع إعادة المفاوضات أو بدونها.

إننا نقول للبنانيين الذين يتحضرون لخوض غمار انتخابات بلدية جديدة في شكلها، قديمة في مضمونها: إن عليكم ألا تلتفتوا إلى الكلام الصهيوني الأميركي حول سلاح المقاومة، لا من جهة كونه أكاذيب جديدة فحسب، بل لأن ما يُراد التهويل به حول الحرب إنما يدخل في نطاق لعبة باتت مكشوفة تماماً...

إننا أمام حرب التخويف والتهويل، التي يُراد لها أن تصنع واقعاً من الردع السياسي الذي قد يحول دون الخوض في غمار حروب مفتوحة يخشاها العدوّ أكثر من غيره، نؤكد على اللبنانيين الوحدة في خياراتهم السياسية المصيرية، والتوحّد خلف المقاومة والجيش، لنطل على مرحلة جديدة نصنع فيها النصر لأجيالنا، بعيداً عن كل التهاويل وسياسات الترهيب الدولية والإقليمية وغيرها.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2794 - الجمعة 30 أبريل 2010م الموافق 15 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:09 ص

      تقى البتول

      سيدى ياسلالة الرسول الاعظم سياتي يوم وسيفرج الله للمحرومين والمضطهدين في جميع انحاء العالم فرب العالمين عادل ولن يظلم احد . ولبيك يانصر الله والنصر للاسلام .

    • زائر 2 | 3:20 ص

      14 نور :: تابع لصباح الأنوار لسليل الأطهار

      هي الطريقة التي ستأجج الصراع من جديد ولكن بأسس قديمة بأسس محمد و آل محمد بأسس ضمان حق الأرض و العرض و الدين فهي الطريقة القديمة الجديدة التي تنصل منها وللأسف المسلمون وإتخذها الكفار كي يعيثوا في الأرض الفساد ولكن زمان ذلك قد قارب على الأفول فشمس الله قد أطلت علينا وسنراها كاملةً إنشاء الله في القريب العاجل :: يرونه بعيداً و نراه قريب :: وهو كذلك يا سيدي هم يرونه بعيداً ونحن نراه قريبُ ُ قريب بحق أبو القاسم محمد وآله وصحبه الأطهار.

    • زائر 1 | 3:14 ص

      14 نور :: صباح الأنوار لسليل الأطهار

      صباح الأنوار لسليل الأطهار سيدي زلزائي السيد محمد فضل الله وهو فضلُ ُ منه, صحيحُ ُ ما قلت يا سيدي ولكن أزيد عليه بأن المفاوضات المذلّة تفويض لإنهاء قضية فلسطين فهم يريدونه يهودية بالكامل فإذا كنا نريد أن ننهي هذه القضية وإلى الأبد يجب علينا أن أن ننهيها كما يخطط الشقيقان العملاقان إيران وسوريا لإنهاء هذه الغدة السرطانية بالوحدة على الأرض و الموقف و السلاح و النفس و إلا فإن كثرة الكلام لن تقدم و لن تأخر وإن أثرة القليل فإنها ستبهت بعد حين ولكن الطريقة الإيرانية السورية وبمشاركة حزب الله لبنان

اقرأ ايضاً