شاركتُ في يوم الثلثاء الماضي في منتدى «المسئولية الاجتماعية للشركات في مجال الصحة والسلامة والبيئة - و صحة وسلامة المقاولين» بفندق الكراون بلازا بعرض يتناول موضوع «نحو مزيد من الإزدهار لحملة المسئولية الاجتماعية للشركات في مملكة البحرين». المنتدى المذكور كان تحت رعاية وزير شئون النفط والغاز رئيس الهيئة الوطنية للنفط والغاز عبدالحسين ميرزا وبتنظيم مشترك لجمعيتي البحرين الثقافية الاجتماعية، وجمعية الصحة والسلامة البحرينيتين وقد نجحتا في تنظيم منتدى راقٍ من ناحية المحتوى من خلال جذب طيف متعدد من الخبراء المحليين ومن دول مجلس التعاون الخليجي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (اليونيب).
المسئولية الاجتماعية للشركات أو «Corporate Social Responsibility» هي إحدى المفاهيم الحديثة التي نجحت في جذب الاهتمام محلياً من قبل الإدارات التنفيذية في الشركات الكبرى في المملكة وهذا واضح من خلال إضافة بعضهم لهذا المفهوم في الصفحات الإلكترونية لمواقع شركاتهم. هذا المفهوم الشائع له عدة تعاريف من أصحاب الاختصاص لكن أدقها معنى وأعمقها رؤية هو تعريف تكنوقراط الاتحاد الأوروبي وهو «مفهوم يمكن من خلاله الشركات دمج الاهتمامات البيئية والاجتماعية في عملياتها التجارية والتواصل مع أصحاب المصلحة على أساس طوعي». يجب الإشارة أولاً إلى أن أصحاب المصلحة قد يكونون بالداخل مثل موظفي الشركة أو بالخارج مثل الأجهزة الحكومية أو وسائل الإعلام، وثانياً أنه لا توجد قوانين تجبر الشركات على إدخال الاهتمامات البيئية والاجتماعية إلى نسيج العمل التجاري بل هو عمل تطوعي لكنه مهم من أجل بناء جسور مع المجتمع.
كما لاحظنا من تعريف المسئولية الاجتماعية للشركات فإنه يتعلق بعمودين من استراتيجية التنمية المستدامة التي ترتكز على التطور الاقتصادي، والتطور الاجتماعي، والمحافظة على البيئة. لابد من الإشارة إلى أن الاستفادة القصوى من التطور الاقتصادي لا يمكن أن يتم تمريره إلى الأجيال القادمة بدون مراعاة احتياجات المجتمع وحماية البيئة.
أحد المتحدثين في هذا المنتدى ذكر بأن مسئولي بعض الشركات لا يهمهم الاستثمار في معرفة هذا المفهوم الحديث بل أقصى ما يفعله هو تقديم بعض الشيكات سنوياً إلى العديد من الجهات المحتاجة إلى الدعم المالي. لاشك أن هذا الإحسان محمود من قبل الشركات وسيخدم بعض فئات المجتمع لكن لا يمكن اعتبار هذا النشاط أحد بنود المسئولية الاجتماعية للشركات بل هو إحسان (philanthropy). من ضمن الأنشطة الأخرى للإحسان تطوع مجموعة من موظفي الشركة في سبيل تقديم خدمة للمجتمع مثل تنظيف السواحل أو زيارة مركز كبار السن أو تقديم بعض الهدايا إلى المحتاجين.
من جهة أخرى، فهناك العديد من الأمثلة من الشركات المتعددة الجنسيات على تطبيق أساسيات المسئولية الاجتماعية للشركات مثل شركات الأطعمة السريعة. فهل تعلم عزيزي القارئ بأن سندويتش الهمبورغر مع الجبن يؤدي إلى إطلاق 1.5 كيلوغرام من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الهواء الجوي. هذه المعلومة أدت إلى إطلاق مبادرة بيئية من إحدى شركات الأطعمة السريعة تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية من سلسلة الغذاء (الحاجة أم الاختراع).
هناك الكثير من الأمثلة سواء على المستوى المحلي أو العالمي في هذا المجال حيث يتم استخدام العلم كوسيلة لإضافة صورة ناصعة للشركات أو المنظمات إلى عيون المجتمع.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2794 - الجمعة 30 أبريل 2010م الموافق 15 جمادى الأولى 1431هـ