وعلى المستوى العربي العام، لابد لنا من الإشارة إلى ما يعرف باسم المثلث الذهبي الذي يضم بلدان مثل: بورما وتايلند ولاوس التي تنتج نحو 4000 طن من الخشخاش سنويًا، وحيث إن البلاد العربية تحتل موقعاً جغرافياً متميزاً، بالنسبة لطرق ومسالك تجارة المخدرات، فمن الطبيعي أن تتحول إلى معبر استراتيجي بين المثلث الذهبي المنتج والأسواق العالمية المستهلكة، بما فيها السوق العربية الداخلية. ويؤكد الممثل المقيم للمكتب الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة الدولية لمراقبة المخدرات محمد عبد العزيز أن «منطقة الشرق الأوسط أصبحت سوقاً نشطة لتجارة المخدرات». ويمضي عبدالعزيز محذراً في مؤتمر صحافي، خصص لإطلاق تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات لعام 2009، أن «المغرب ومصر لم يعودا الدولتين اللتين تعانيان وحدهما من زراعة بعض النباتات المخدرة، بل إن الظروف السياسية وحالة عدم الاستقرار جعلت السودان أيضا يدخل ضمن الدول التي تزرع بها النباتات المخدرة». وأوضح عبدالعزيز أن «عدد متعاطي المخدرات في المنطقة العربية يقدر بما بين 5 و 6 في المئة من السكان». وتقدر بعض المصادر أن «هناك نحو 180 مليون في العالم يتعاطون المخدرات بإدمان منتظم منهم نحو عشرة ملايين عربي». أما رئيس الإتحاد العربي للوقاية من الإدمان أحمد جمال أبو العزايم، فيؤكد من جانبه، «ن نسبة المدمنين على المخدرات في العالم العربي تتراوح ما بين 7 -10 في المئة، وأن معظم المدمنين، (وهو أسوا ما في الأمر) هم من فئة الشباب». وكما يقول أبوالعزايم فقد تحولت مشكلة الإدمان إلى ما يشبه «الحصان الجامع، وكل الجهود المبذولة لم تتمكن من اللحاق به».
تؤكد ما ذهب إليه أبو العزايم ورقة حسين الخزاعي من جامعة البلقاء التطبيقية الأردنية المعنونة «دور الجامعة في الوقاية من المخدرات» التي قدمها في المؤتمر الأول للوقاية من المخدرات، الذي عقد في الأردن، ونظمته المؤسسات الأردنية: جمعية الهلال الأحمر الأردني فرع أربد وجامعة جدارا، ومديرية تربية أربد الثانية بالتعاون مع مديرية مكافحة المخدرات». فبعد أن لخصت الورقة أوضاع المخدرات في العالم، مشيرة إلى أن «إجمالي تجارة المخدرات في العالم يصل إلى 700مليار دولار ويبلغ الإنفاق على مكافحة المخدرات 6 مليارات دولار وعدد المدمنين 285 مليون شخص ويوجد نحو 800 مليون من البشر يتعاطون المخدرات أو يدمنون عليها»، عرجت على البلاد العربية محذرة من أن «نسبة انتشار المخدرات في الوطن العربي حتى العام 2007م تراوحت ما بين 7- 10 في المئة ويبلغ عدد مدمني المخدرات في الوطن العربي 11 مليون مدمن وينفق عليها ما يقارب 120 مليار دولار».
وعلى مستوى كل قطر عربي على حدة، هناك مصر على سبيل المثال، والتي كشفت دراسة صدرت مؤخرا «عن اتساع سوق الاتجار غير المشروع بالمواد المخدرة فيها، حيث بلغ حجم هذه التجارة خلال العام 2007 فقط نحو 18.2 مليار جنيه مصري، منها 15.7 مليار جنيه مصري قيمة الزراعات المخدرة (القنب ـ الخشخاش) و2.41 مليار جنيه قيمة المواد المخدرة الطبيعية و900 مليون جنيه قيمة المواد المخدرة التخليقية». وتضيف الدراسة أن «قيمة ما أنفقه المصريون على القنب في سوق الاتجار غير المشروع خلال العام 2007 وصلت لنحو 12.64 مليار جنيه، بنسبة 69.45 في المئة، يليه الخشخاش بقيمة نحو ملياري جنيه، بنسبة 16.8 في المئة من إجمالي قيمة ما تم تداوله والبالغ 18.2 مليار جنيه». وبحسب التقارير الصادرة عن لجنة المخدرات العالمية، تأتي مصر علي رأس قائمة تجارة واستهلاك الحشيش في إفريقيا، وينشر موقع «إيلاف» ما جاء في دراسة رسمية في مصر خلال العام 2009 ، تتحدث «عن اتساع سوق الاتجار بالمواد المخدرة، والتي وصل حجم الإنفاق عليها نحو 8.22 مليارات جنيه سنوياً، وهو ما يمثل نسبة 5.2 في المئة من عوائد الدخل القومي في مصر». لكن المحلل الاقتصادي لـ»إيلاف» يعتقد أن «هذا الرقم غير دقيق ولا يصل لنصف الرقم الحقيقي الذي يتعدى 20 مليار سنوياً». وينشر الموقع أرقام التقرير السنوي الذي أصدرته الإدارة العامة للمخدرات، في إحصائية للعام 2009، مشيرا إلى أن «عدد الضبطيات خلال العام 2008 قد بلغ (42642) قضية، وبلغ عدد المتهمين (45158) متهماً، بكميات ونوعيات مختلفة من المخدرات منها الحشيش والهيروين والكوكايين والأفيون ومزروعات المخدرات كالخشخاش والقنب والقات».
وفي سوريا أظهرت إحصائيات إدارة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية السورية، ونشرها موقع «الصايرة» أنه خلال النصف الأول من العام 2009 «تم ضبط ومصادرة 822 كغ حشيش مخدر، و26 كغ هيروين، و335 غرام كوكاين، و52 غرام أفيون، و321 كغ قنب هندي، و196 ليتراً من أسيد انهدير الخل، و 9757140 حبة كبتاغون، و 61138 حبة مخدرة متنوعة، و487 كغ من المواد الأولية التي تدخل في صناعة المخدرات». وقد كشفت تقارير رسمية صادرة هذا العام أن «تجارة المخدرات في سوريا زادت بمعدل 400 في المئة في السنوات الأربع الأخيرة».
وفي المغرب أكد برنامج (لجنة تقصي الحقائق)، وبالاستناد إلى تقارير دولية أن «المغرب ينتج 40 في المئة من كمية الحشيش المنتجة في العالم و هو ما يجعل المغرب المورد الأساسي لأوروبا من الحشيش بنسبة 80 في المئة»، وعلى نحو موازٍ تحذر النائب البرلمانية عن «حزب العدالة والتنمية» بسيمة الحقاوي من «أن 66 في المئة من المزارعين في المناطق الشمالية للمغرب ينشطون في إنتاج الحشيش وأن 27 في المئة من الأراضي الزراعية النافعة في المناطق الشمالية مخصصة لإنتاج الحشيش».
وكما يقول موقع «المتوسط «، يعتبر المغرب «منطقة الجذب الأولى لتجارة المخدرات نظراً لمجاورته إسبانيا، وهو بذلك يشكل معبراً رئيسياً لنقل البضاعة المخدرة إلى أوروبا.. لكن دور المغرب لم يعد يقتصر على كونه معبراً بقدر ما أصبح سوقاً نشطة لترويج المخدرات». وينقل الموقع أرقاماً رسمية صادرة عن وزارة الصحة المغربية تعترف بأن « 2.8 في المئة من السكان البالغين في المغرب يعانون من الإدمان على المخدرات القوية، حيث سجل المغرب أضخم نسبة من المحجوزات من الكوكايين بإفريقيا».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2793 - الخميس 29 أبريل 2010م الموافق 14 جمادى الأولى 1431هـ