تتوالى الأخبار في البحرين بشأن الاستثمار في الشركات الغذائية والصناعية، فبعد سنوات طغى فيه حديث السوق البحريني على العقارات ولا شيء غير العقارات، نلتفت الآن إلى أشياء أخرى ربما علينا جميعاً أن نساندها فأمس الأول أعلن عن تأسيس شركة جديدة للدواجن في الوقت الذي تعاني فيه البلاد في فترات متقطعة من قلة في المعروض من الدواجن الطازجة وقبل ذلك بيوم أزيح الستار عن أكبر مجمع للحديد الصناعي باستثمارات تقدر بنحو 3 مليارات دولار.
جميع هذه الأخبار طيبة، وحسناً نفعل حينما نوجه الدعم المطلوب نحو هذه الصناعات المنتجة بدلاً من التركيز على المشروعات العقارية الفارهة التي لا تخدم سوى شريحة بسيطة من الناس ولا يخلق نمو اقتصادي حقيقي ثابت ومتين يفيد البحرين في الصمود إلى ما بعد عصر النفط.
فالمعلوم أن البحرين تعتمد في إنفاقها على النفط بنسبة تفوق 80 في المئة من إجمالي الإيرادات العامة للدولة، وهذه الأموال تحرك بنوك التجزئة والمقاولين ومقدمي الخدمات وغيرهم فهي المصدر المحرك للاقتصاد في البلاد مع جاراتها الخليجيات، وحتى يكون لنا اقتصاد أقوى فلا بد لنا أن نركز على الصناعة أولاً ثم الزراعة فهي المحك الرئيسي في الأزمات الاقتصادية وهي التي تشكل نمواً حقيقياً عوضاً عن المباهاة بأرصدة المستثمرين في البنوك التي تتخذ من البحرين مقر لها وجميعنا نعرف أن هذه الأموال هي أموال من الخارج ويمكن أن تخرج في أي لحظة لكن الأموال الحقيقية هي التي توظف في استثمارات حقيقية تدوم وتبقى ولا ننكر هنا دور القطاعات الأخرى مثل المصارف وشركات الاتصالات التي تساند عملية النمو الاقتصادي ولكن الثورات الاقتصادية قامت على الصناعة والمعرفة ولا بأس أن تعتمد البحرين رغم كونها اقتصاد صغير بإمكانيات طبيعية وبشرية ضعيفة نسبياً على الصناعة كرافد رئيس في اقتصادها وأن تحافظ من جهة أخرى على مكانها كمركز مالي إقليمي ودولي هام.
أن القطاع الصناعي بحاجة قبل أي وقت كان لإعادة أحيائه، ومع تدشين مدينة سلمان الصناعية وميناء خليفة الجديد والمدينة اللوجستية وتوسعة مطار البحرين وتطوير شبكة الطرق وبناء محطة الدور الجديدة للكهرباء ومحطة رئيسية للصرف الصحي في المحرق، جميعها مشروعات حيوية هامة ستدعم من هذا التوجه ولكن ينبغي قبل كل شيء وجود إرادة ورغبة صادقة في دعم المشروعات الصناعية والغذائية.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 2793 - الخميس 29 أبريل 2010م الموافق 14 جمادى الأولى 1431هـ