العدد 2793 - الخميس 29 أبريل 2010م الموافق 14 جمادى الأولى 1431هـ

كاميرات المراقبة تحول بريطانيا إلى مجتمع رقابي

نموذج لنوع من الكاميرات المستخدمة لمراقبة الشوارع العامة
نموذج لنوع من الكاميرات المستخدمة لمراقبة الشوارع العامة

تحولت كاميرات مراقبة الشوارع في بريطانيا إلى كاميرات وصفها البعض بأداة للتجسس ومتابعة تحركات الأشخاص، وأدانت جماعات الحقوق المدنية وجودها وترى أنها الرمز الأبلغ «لمجتمع المراقبة في بريطانيا»

و لايعرف في الغالب أي زائر غير مرتاب يطرق شوارع لندن ويسير تحت أعين كاميرات الرقابة الصامتة شيئاً عن شبكة غرف التحكم المظلمة القابعة تحت سيرك بيكاديللي، حيث تتجلى صورته البريئة ويتم انتقاءها من بين الزحام.

وفي الخفاء وأسفل الأرصفة في أكثر مدن العالم رقابة تجد الصور المكبرة لأبناء لندن والسائحين على حد سواء تنساب عبر حائط من شاشات البلازما في غرفة التحكم ذات الدوائر التلفزيونية المغلقة التابعة لمجلس بلدية ويستمنستر الذي يمثل العصب الرئيسي لشبكة الدوائر التلفزيونية المغلقة واسعة النطاق. ومع التفاف وتسليط الكاميرات تجاه كل ما قد يثير الشبهات، تكشف نظم الرقابة عن هوية ذلك الشخص أو الشيء مجهول الهوية لتنتفي عنه صفة الغموض حيث لم يعد مجرد وجه في الزحام.

لقد زار المسئولون عن الشرطة من كل أرجاء العالم مجلس بلدية ويستمنستر المسئول عن منطقة وسط لندن، للاطلاع على مهام مراكز التحكم. غير أن جماعات الحقوق المدنية تدين تلك المنشأة وترى أنها الرمز الأبلغ «لمجتمع المراقبة في بريطانيا» حيث تعكف 2ر4 ملايين كاميرا تلفزيونية على مراقبة المواطنين، وهو عدد أكبر من الموجود في أي مكان آخر في العالم. وقالت آنيتا كولز من جماعة «ليبرتي» الحقوقية، لوكالة الأنباء الألمانية: «إن الكاميرات تلتف في كل مكان... غير أن التشريع لم يواكب التطورات التكنولوجية... ولا توجد قواعد تحكم استخدامها». وقالت، إن قوانين المراقبة في بريطانيا ضعيفة إذا ما قورنت بأي مدينة أخرى في العالم» وهناك «عدد كبير من المنظمات» تتمتع بسلطة القيام بـ «عمليات ذاتية للمراقبة» ابتداء من الكاميرات وحتى قواعد بيانات الحامض النووي وتسجيل المحادثات الهاتفية ونظم التعرف على اللوحات المعدنية الخاصة بالسيارات. وأشارت جماعة «ليبرتي»على وجه الخصوص لتلك الكاميرات التي لا تراقب فحسب بل تتحدث أيضاً، بسبب استخدامها بشكل غير مميز «للمراقبة المستهدفة» من قبل المجالس المحلية - وغالباً دون سند قانوني واضح.

وكانت بلدة ميدلسبره هي أولى بلدات بريطانيا التي استخدمت الكاميرات الناطقة، المكبرة للصوت بيد أنها أصبحت الآن أداة شائعة في كل المجالس البلدية في بريطانيا للقضاء على المشاجرات المنتشرة في الشوارع وكذلك على حشرات القمامة ومخلفات الحيوانات. وقال مدير خطة ميدلسبره، جاك بونر لصحيفة «ديلي ميل»: «ياله من رادع... فارق ضخم بين أن تعرف أن هناك كاميرا مراقبة... وأن تصرخ تلك الكاميرا عندما ترتكب خطأ ما». وقال إن الكاميرات تجعل المواطن «يفكر مرتين» قبل أن يلقي بفضلات أو يبدأ مشاجرة أو حتى يتجول بدراجته على ممشى». وأوضح الرجل «إننا دائماً نطلب (من المواطنين ما نريد) بأدب وإذا انصاع المخالف... يقول له الموظف المسئول(شكراً)». غير أن سيدة من المارة الملتزمين بالقواعد والقوانين قالت إنها شعرت بصدمة عندما سمعت الصوت الذي يطلقه مكبر الصوت المصاحب للكاميرا وأضافت «إنه كأخي الأكبر(يوبخني)».

كانت غابة الكاميرات التلفزيونية تلك جرى نشرها في لندن لمراقبة نظام فرض غرامات الاختناق المروري - غرامة أقرتها العاصمة البريطانية لتخفيف حدة الاحتقان المروري في بعض مناطقها حيث تجبر قادة السيارات على التزام طرق مختلفة في بعض الأوقات - وشرعت السلطات في تنفيذ خطة تجريبية، بحيث ترسل لملاك السيارات المسجلة إنذارات غرامة جراء إلقاء أوراق من نوافذ السيارات. وذكر تقرير لمفوض المعلومات البريطاني العام 2006، أن بريطانيا «تسير دون أن تدري» نحو التحول لمجتمع رقابي وهو ما يحدث حولنا بالفعل». وتخيل التقرير طبيعة الأوضاع في البلاد العام 2016، وقال إن الماسحات الضوئية ستنتشر على أبواب المتاجر لتتعرف على العلامات التجارية على ملابس كل شخص يدلف للمتجر، وإن طائرات تجسس يتم التحكم بها عن بعد ستنقل للشرطة صوراً للشوارع وتفاصيل الرحلات التي تقطعها السيارات المارة. لقد أثار قرار الحكومة البريطانية الأخير بوضع ماسحات ضوئية في مداخل المطارات الكبرى موجة معارضة قوية من الجماعات الحقوقية، التي تخطط لاتخاذ إجراءات قانونية مضادة على أساس أن تلك الماسحات تمثل انتهاكاً للخصوصية وقوانين مناهضة التمييز. وقالت آنيتا كولز من «ليبرتي»: «إننا قلقون بشأن استخدام (تلك) الماسحات بشكل عشوائي». غير أنها قالت إن ما شجع المدافعين عن الحقوق المدنية على ذلك هو مؤشرات تدلل على أن عامة المجتمع البريطاني باتوا «أكثر قلقاً» إزاء التعدي والتطفل. وأظهر استطلاع للرأي قامت جمعية «جوزيف رونتري ريفورم تراست» بتمويله، نشرت نتائجه في فبراير/ شباط الماضي إلى أن ما يزيد على 80 في المئة من البريطانيين يرون أن من حقهم معرفة المعلومات التي تملكها الحكومة عنهم.

العدد 2793 - الخميس 29 أبريل 2010م الموافق 14 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:30 ص

      هلا اوروبا

      وكيف شكل المراقبه في السودان!!!!! شوف نحنا وين وباقي العالم وين بس نسوي شنو!؟ نصيبنا!.

    • زائر 1 | 12:34 م

      المراقبة في اليمن

      المراقبة في اليمن

اقرأ ايضاً