العدد 755 - الأربعاء 29 سبتمبر 2004م الموافق 14 شعبان 1425هـ

تشميع المؤسسات المدنية... هل هو ردة؟

بعد حل «المركز» وإغلاق «العروبة»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يفتح حلّ الحكومة مركز حقوق الإنسان «نهائياً»، وإغلاق نادي العروبة إدارياً لمدة 45 يوماً، من دون أن يكون للسلطات القضائية «المستقلة» دور في ذلك، أكثر من ملف على صعيد الحريات العامة، من بينها ملف قانون الجمعيات الذي يقيّد المؤسسات المدنية، ويخلّ باستقلالها، ويعطي الجهات الإدارية سلطات واسعة تمكنها من اتخاذ ما تريد من إجراءات.

هذا الكلام يقوله عدد من أعضاء مجلس الشورى المعين (جمال فخرو، إبراهيم بشمي، منصور العريض، هاشم الباش، وخالد آل خليفة)، الذين قدموا مشروعاً بقانون لتعديل القانون المذكور، تقول مقدمته ان «المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989 بشأن الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة المعمول به حالياً، صدر في ظل ظروف سياسية واجتماعية تختلف عن الظروف السائدة منذ أن تولى صاحب الجلالة الملك مقاليد الحكم، وما تلاها من تغييرات سياسية. وان العمل بهذا القانون تكبيلٌ للحريات العامة، وخصوصاً حرية تشكيل الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، إذ أعطى سلطات مطلقة للجهة الإدارية المختصة بوضع أشكال القيود كافة على نشاطات الجمعيات، واعتبر المنع هو الأساس والإباحة في التصرف وحرية القرار هي الاستثناء».

لذلك، يفترض أن يكون القانون المعمول به قد سقط سياسياً، مذ شكل الملك في العام 2001 لجنة تفعيل الميثاق التي رأسها سمو ولي العهد والتي أعدت قانوناً للجمعيات لم يرَ النور، كإشارة واضحة لا لبس فيها، إلى أن قانون (21) لا يمكن أن يستوعب الحدث السياسي الراهن.

بيد أن الضربة الكبرى للقانون وجّهت من طرف الملك، حين أمر بتجميد المادة (18) منه، التي تمنع تعاطي المؤسسات المدنية للنشاط السياسي. و من دون شك، فإن ذلك لم يكن كافياً لتقتنع السلطات التنفيذية بحرية العمل المدني، فابتكرت مقولة «الاشتغال والانشغال» التي ألغاها الملك لاحقاً أيضاً.

وهذا يقود إلى القول إنه يجدر بالجهات الإدارية التحلي بقدر واسع من ضبط النفس، كي لا تستخدم مواد القانون ذات الطابع الأمني، لتقييد نشاط المؤسسات الأهلية، بحجة أن القانون قائم فعلاً، ومن حقها استخدامه إلى حين تعدله المؤسسة التشريعية.

ما يزيد القلق هنا أن المعلومات المتوافرة تفيد بأن الإجراء الذي اتخذ ضد نادي العروبة لن يكون الأخير، ويتوقع على نطاق واسع أن تقوم الجهات الإدارية (مؤسسة الشباب هذه المرة)، بحلّ مجلس إدارة النادي، وتعيين مجلس جديد، كما سبق وفعلت مع عدة مؤسسات أهلية أخرى، لعل آخرها اتحاد تنس الطاولة الذي ترأسه الشيخة حياة آل خليفة.

والواقع، فإن نفرة مؤسسة الشباب للأندية تبدو مستحكمة للغاية، وقد عملتُ في أحد الأندية الأهلية عدة سنوات، وأعرف أن «المؤسسة» موجودة لإعاقة العمل الشبابي لا لتطويره، وهذا لم يتغير بالقدر المأمول بعد المشروع الإصلاحي.

إن إغلاق مؤسسة حقوقية ذات تأثير بالغ، مهما شاب عملها من أخطاء، وإغلاق نادٍ عريق عمره 65 سنة، عبر أوامر حكومية، لا يمكن إلاّ أن يعقّد الأمور، ويعطي مؤشراً سلبياً للخارج والداخل، بما في ذلك المستثمرون الذين يأملون الاستفادة من توقيع اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الاميركية فهل نحن سائرون نحو ردة اصلاحية؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 755 - الأربعاء 29 سبتمبر 2004م الموافق 14 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً