العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ

آلية خاصة بحاجة إلى تطوير

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

ثمة آلية جديدة ونادرة ظهرت في النظام السياسي البحريني منذ أربع سنوات، من النادر العثور عليها في الأنظمة السياسية الأخرى في العالم. الأمر الذي يستدعي التمعن بجدية في طبيعتها وخصائصها، وآثارها على المجتمع المحلي، ومن ثم النظر في إمكان تطويرها.

في نهاية العام 2000 ظهرت فكرة ميثاق العمل الوطني، ومع صدور قرار تشكيل اللجنة الوطنية العليا لإعداد مشروع وثيقة الميثاق في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام نفسه بادر جلالة الملك إلى عقد سلسلة من اللقاءات التشاورية مع علماء الدين، والنخب السياسية والاقتصادية وعدة فعاليات أخرى كان الهدف منها التشاور والتحاور حول ملامح المرحلة المقبلة آنذاك. ومنذ تلك الفترة عقد جلالة الملك عدة لقاءات متكررة مع تلك الفعاليات، وخصوصاً عندما شهد النظام حالاً من التوتر والاحتقان السياسي جاءت نتيجة تفاعلات القوى السياسية مع السلطة تجاه جملة من القضايا العامة.

مثل هذا المنهج في الحوار واللقاء من الأهمية بمكان مأسسته ووضع عدة أطر له، بحيث يمكن الاعتماد عليه ليس في أوقات الأزمات فحسب، وإنما حتى في أوقات الرخاء. لأن هناك الكثير من القضايا والحوادث بحاجة إلى مواقف ثابتة وواضحة، ولا ضير في أن يكون هناك إجماع عليها أو اتفاق عام بشأنها. وإذا كانت علوم السياسة قد اشترطت حدوث حالٍ من الإجماع والاتفاق الوطني حول قضية معينة داخل الأنظمة السياسية بوجود تحدٍ خارجي، فإنه بالإمكان قلب هذه الفرضية، والحفاظ على ديمومة النظام القائم بوحدته الوطنية واتفاقه الوطني عبر مأسسة الحوار كما ذكرت، وتنظيم عدة لقاءات وحوارات من أجل مناقشة جميع القضايا الوطنية. وما قام به سمو ولي العهد عندما أعلن مشروعه الطموح إصلاح سوق العمل كان مثالاً صريحاً على إمكان تحقيق حال من الاتفاق الوطني بشأن قضية الإصلاح الاقتصادي بذلك المشروع، إذ لم يتم طرح تفاصيل عملية الإصلاح دفعة واحدة وبشكل مفاجئ مثير للانتباه قد يولد ردة فعل عكسية لدى المجتمع المحلي بمؤسساته المتعددة. وإنما تم اتباع منهج حكيم بخطوات مدروسة جاءت تدريجياً عبر عقد سلسلة من اللقاءات مع النخب الاقتصادية، وأعضاء السلطة التشريعية، وعدد من مؤسسات المجتمع المدني وأبرزهم الجمعيات السياسية، وأخيراً رجال الصحافة والإعلام وغيرهم. وبهذه الطريقة يكون المشروع قد تم الانتهاء من دراسته ومناقشته لدى الأطراف كافة، وهو ما يعطيه دعماً ومساندة ليتم تنفيذه لاحقاً. آلية الحوار مهمة جداً اليوم للنظام السياسي البحريني، وهي إن بدأت بنجاح كما حدث في مشروع الميثاق، وما نأمل في مشروع إصلاح سوق العمل. إلا أنها بحاجة إلى تطوير ومأسسة لضمان استمراريتها. وقد يكون هذا التطوير عبر سن تشريع معين، أو تعديل دستوري، أو حتى عن طريق وضع أعراف غير مكتوبة يمكن الاستمرار في اتباعها مستقبلاً. وقد يكون من المبشرات بوجود رغبة في اتباع منهج الحوار الوطني لمناقشة القضايا والمشروعات التي تهم المجتمع ما أكده مساعد رئيس ديوان ولي العهد للشئون السياسية في لقائه مع الكتاب والصحافيين منتصف الأسبوع الماضي بأن هذا النهج سيستمر في القضايا كافة.

وفي النهاية فإن آلية الحوار الوطني تعد مميزة للغاية إذا استمرت وأسفرت عن نتائج إيجابية وواقعية على أرض الواقع. وهي وسيلة يمكن للجميع أن يدرك خلالها بأنه لا توجد آليات معينة للنظام السياسي يمكن استنساخها وتطبيقها في نظامنا، وإنما بإمكاننا أن نطور آلياتنا حسب ما نرغب، وما نراه مناسباً لخصوصية المجتمع

العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً