العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ

ضربة لحقوق الإنسان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وهكذا حدث ما كان متوقعا، اذ أصدرت الحكومة قرارها أمس بحل مجلس «مركز البحرين لحقوق الانسان» بسبب ما حدث يوم الجمعة الماضية، وبذلك وجهت ضربة قاسية إلى حركة حقوق الانسان في البحرين. إن ما حدث يوجب علينا مراجعة الامور بدقة. ففي ابريل/ نيسان الماضي صعد التوتر في البلد، لان هناك من أعلن انه سيستقبل وفود سباق «الفورمولا 1» بـ «الأكفان»، ومثل هذا القول كان له انعكاس خطير أدى الى تصعيد الأوضاع التي لم تهدأ إلا بعد ان تبرأت الجهات المعنية ممن قال هذا الكلام. ولكن الآثار النفسية بقيت على رغم النجاح الذي حققته تلك المناسبة الرياضية.

ثم كان الاسبوع الماضي. إذ بدأنا بحديث من وزارتي العمل والداخلية عن احتمال منع ندوة «الفقر» التي أعلنها مركز البحرين لحقوق الانسان، فوقفنا الى جانب المركز من خلال التغطيات والاعمدة والمقالات، وتراجعت الجهات الرسمية عما كانت تعتزم القيام به. كما قمنا بتغطية محتوى الندوة الذي كان جيداً ويستحق التعليقات، لولا ما حدث في نهاية الأمسية عندما بدأ الحديث يتطرق الى أمور أوقف بسببها نائب رئيس المركز عبد الهادي الخواجة بتهمة التعرض لرمز من رموز الدولة، والتحدث بأسلوب غير متوقع ضمن أجواء كانت أبعد مما تتوقعه ادارة نادي العروبة - حسبما قال بعضهم لي شخصياً.

مركز حقوق الإنسان ونادي العروبة مؤسستان قامتا بأعمال خيرة للبحرين، ومن المؤسف أن يتم الزج بهما في أمر لا يخدم أهدافهما او أهداف فئات المجتمع التي استفادت كثيرا منهما. المركز قام بأعمال نوعية، مثل الدفاع عن العمال الأجانب، والدفاع عن معتقلي غوانتنامو، وتقديم التقارير المميزة عن التمييز والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وشارك بشكل فعال في تطوير الوعي بحقوق الإنسان بشكل ملحوظ.

المركز تعرض لهزة قوية في اكتوبر / تشرين الاول 2003 عندما استقال رئيس المركز السابق عبدالعزيز أبل بعد الكلام الذي قيل في ختام «ندوة التمييز». والآن اعتقل نائب رئيس المركز بسبب ما قيل في ختام «ندوة الفقر». والسؤال الذي تردد كثيراً هو: كيف يفرق البعض بين ما هو حقوقي، وبين ما هو سياسي؟ قد ندخل في جدال ولا ينتصر أحد عندما نتحدث عما هو حقوقي وما هو سياسي، وكثير من الأمور يختلط فيها الحابل بالنابل، ولا يمكن حسمها. ولكن ما يمكن توقعه من اية جهة هو «موازنة» الامور، بحيث يمكن ان تكون القضايا واضحة.

العمل الحقوقي قد يضطر الى التحول الى عمل سياسي او حتى ثوري اذا قرر القائمون عليه أن أساليبهم الملتزمة بضوابط معينة لا توصلهم الى شيء، ولكن يجب ان تكون هناك أجندة واضحة لكي يفهم كل فرد ما له وما عليه. المسيرة كلها متداخلة، ولكن من الواجب على أي شخص وأية جهة تشرع في القيام بأمر ما أن توضح ما تود القيام به، وأن تكون صريحة في الامر، وأن تكون على اتم الاستعداد مع من يلتحق بها لما ستؤول اليه نتيجة العمل المستهدف. من حق الانسان أن يختار ما يود اختياره، وعليه أن يكون واضحاً فيما يقول ومستعداً لنتيجة ما يقول ويفعل.

في خضم كل ذلك ... فان حل المركز أمر لايوده من يحب الخير، لانه كان يعمل في مجال يحتاج إليه الناس، ولا نود ان نعلق أكثر على ما حدث يوم الجمعة الماضية ... فما حدث لم يكن مهضوما، بالدرجة نفسها التي لا نستطيع هضم قرار حل المركز. فلست ادري لماذا زج بالمركز في معركة من هذا النوع مع العلم المسبق والمؤكد بالنتيجة... فهل ان البعض أراد حل المركز قبل ان تريد الحكومة ذلك؟

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 754 - الثلثاء 28 سبتمبر 2004م الموافق 13 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً