العدد 753 - الإثنين 27 سبتمبر 2004م الموافق 12 شعبان 1425هـ

حذارِ من مصيدة الإعلام ولنتجه نحو الحقائق والأرقام

ليلى فخرو comments [at] alwasatnews.com

قبل القفز إلى مرحلة التقويم نشير إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أن توكل مسئولية تحرير سوق العمل لأحد أقطاب صنع القرار، والذي هو هنا سمو ولي العهد، هي بحد ذاتها تعبير عن إدراك المؤسسة السياسية في المملكة لأهمية الموضوع وانعكاساته على مجمل الأوضاع في البلاد. كما أن الاستعانة بشركة متخصصة، وإعطائها الفرصة لدراسة سوق العمل البحرينية بشكل مباشر لفترة تربو على السنة، واحتكاكها بالكثير ممن لهم علاقة مباشرة بهذه السوق، جميع هذه الإجراءات من الأمور التي تستحق الإشادة والتقدير، هي في محصلتها، تشكل خطوة سليمة في الاتجاه الصحيح لمعالجة أية مشكلة، أو بالأحرى أية ظاهرة سواء كانت اقتصادية أو سياسية. ولعله من علامات الحال الصحية التي نعيشها هو هذا المستوى من الجدل الواسع والمتباين في ردود الفعل - بين مؤيد ومعارض - الذي أثارته الدراسة، شأنها في ذلك شأن أي موضوع يحتل هذا الحيز من الأهمية.

ألفت النظر هنا إلى أنني لم اطلع بعد على الدراسة الكاملة، الأمر الذي لم يتح لي الوصول إلى تقييم علمي متكامل لما ورد فيها من الأمور الآتية: المعطيات التي وضعتها، المنهج المتبع في جمع المعلومات وقراءتها، الفرضيات النظرية التي وضعت وتم في ضوئها التوصل إلى النتائج التي خرجت بها الدراسة. أمور أخرى كثيرة ومهمة لابد من الإطلاع المسبق عليها، لكن لا يتسع المجال هنا لسردها جميعاً.

لذلك فإن كل ما سأتناوله هنا هو مبني على ما قرأته أو سمعته عن الموضوع، في وسائل الإعلام المحلية من جهة، وما تناقله بعض من أتيحت لهم فرصة حضور العرض الذي قدمه خبراء الشركة المتخصصة والطاقم البحريني الذي ساعدها في ذلك من جهة ثانية.

إن تقويم استراتيجية تحرير سوق العمل معقد ومتشعب، لذلك فإنني سأركز هنا على مسألتين:

الأولى عامة، وهي ان تحرير سوق العمل من المسائل التي تحتاج إلى توازن دقيق في التمييز بين، والتعاطي مع، المسببات من جهة: السياسة الاقتصادية، المناهج التربوية والتعليمية، الموقف من الاستثمار المحلي والأجنبي، قوانين العمل والعمال... إلخ والنتائج المترتبة على تلك السياسات من جهة ثانية: البطالة، التمييز بين الجنسين، العلاقة بين العامل أو الموظف ورب العمل.

لذلك آمل ان تحظى المسببات بالحيز الذي تستحقه من العناية من دون أي تقزيم، ما يستدعي توخي الدقة في التشخيص والعمق في الرؤية والابتعاد عن البهرج الإعلامي في التناول، لكيلا ينحرف مدار الدراسة من سياقه الاقتصادي - الاجتماعي ويجنح على شواطئ الجزر الإعلامية. كذلك آمل ألاّ يجري الخلط بينهما، لأن ذلك تكون له انعكاسات سلبية جداً في الحلول التي ستطرح.

وأنا هنا أرى من الضرورة بمكان أن نضع خطاً فاصلاً واضحاً بين الأسباب والنتائج، فالخلط بين أي من مكوناتهما قد يؤدي إلى كارثة تؤذي اقتصاد البلاد وتؤدي إلى نتائج معاكسة لتلك المتوخاة من الدراسة.

في هذا الصدد يشار إلى أن الاستعانة ببيت خبرة أجنبية هو سلاح ذو حدين، فبقدر ما هو مدخل جيد في معالجة المشكلة نظراً إلى الخبرة التي تتمتع بها المؤسسات الأجنبية، فإنه من جانب آخر يحمل في طياته افتقار تلك البيوت الأجنبية في كثير من الحالات إلى الخلفيات الحضارية والسياسية للأسواق المحلية، ما يحرف الدراسة عن مسارها الصحيح.

كان ذلك على صعيد تناول المشكلة من مداخلها العامة، أما بالنسبة إلى رأيي باعتباري رئيسة لجمعية سيدات الأعمال البحرينية، فإننا حتى الآن لم نطرح هذا الموضوع للنقاش، سواء في مجلس الإدارة أو على مستوى اللجان والجمعية العمومية، ومن المتوقع أن نقوم بذلك بعد نشر الدراسة والإطلاع عليها كاملة، وحينها من غير المستبعد أن نستعين ببعض الكفاءات البحرينية ذات العلاقة بالموضوع كي تساعدنا على التعامل مع ما جاء فيها بشكل علمي. لكن، وإلى أن يتم ذلك، يمكننا الإشارة إلى أننا نأمل في أن تفرد الدراسة حيزاً مناسباً لمعالجة العنصر النسائي في سوق العمل، وهذا يشمل قطاعين: الأول هو سيدات الأعمال والنساء المنخرطات في الاستثمار، والثاني هو القطاع النسائي المنتج، بمعنى العناصر النسائية الحرفية والمنتسبة مباشرة إلى عجلة الإنتاج.

لاشك في أن هناك الكثير من الهموم النسائية المشتركة بين القطاعين، لكن هناك دائرة ضيقة من تضارب المصالح أيضاً، ولعل الدراسة تأخذ في الحسبان مثل هذا التكامل وذاك التعارض عند تشخيص المسببات وكذلك عند استخلاص النتائج.

وفي نهاية المطاف، لابد من التأكيد مرة أخرى على أن تحرير سوق العمل مسألة متشعبة ومعقدة وتمس مختلف عناصر ومكونات الاقتصاد الوطني، ما يصعب تناولها في مثل هذه العجالة وفي هذا النطاق الضيق. لكن كلي أمل في أن الجهات المسئولة ستكون آذاناً صاغية لكل الملاحظات التي ستثار خلال الفترة المقبلة كي تنقح الدراسة فتأتي في أفضل نسخة ممكنة.

رئيسة جمعية سيدات الأعمال

العدد 753 - الإثنين 27 سبتمبر 2004م الموافق 12 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً