التصريح الذي نشر في صحيفة «الوسط» العدد (749) الجمعة 24 سبتمبر/ أيلول 2004 الموافق 9 شعبان 1425 هـ تحت عنوان: «الحل الوحيد لتسجيل أراضي الأوقاف» منسوباً إلى مدير إدارة الأوقاف الجعفرية عون الخنيزي، قوله: «إن تسجيل أراضي الوقفية التابعة لإدارة الأوقاف الجعفرية يحتاج إلى قرار سياسي من القيادة السياسية في مملكة البحرين، مشيراً إلى أن الادارة تعمل على حصرها بالتنسيق مع الأهالي والجهات المعنية ومنها المجالس البلدية.... الخ».
وتعقيبا على ما نشر، فإن محكمة التمييز لم تصدر حكاماً مفاده عدم تسجيل أي أرض إلا بحضور صاحبها، إلا أن الذي قضت به محكمة التمييز يتلخص في ايجاد وقفية صحيحة وصالحة لعقار مسجل بموجب وثيقة عقارية، وهو رأي اجتهادي قضائي إلا أنه لا يرقى إلى مرتبة القانون، فليست الأحكام التي تصدرها محكمة التمييز تعد بقوانين، وإن احتمال الصحة والخطأ في حكم المحكمة الموقرة ليس مستبعداً، وبعض الاحكام التي تصدرها ممكن أن يتغير فيها رأيها، ففي دعوى برقم 4846/89 أقمتها بطلب اثبات ملكية عقار وتسجيله، الخصوم فيها إدارة الأوقاف الجعفرية وآخرون لدى المحكمة الكبرى المدنية فرفضتها، ثم رفعت استئنافاً برقم 283/92 بطلب إلغاء الحكم المستأنف وإثبات الملكية مجدداً، وذلك أمام محكمة الاستئناف العليا المدنية، إلا أن الاستئناف رفض، فرفعت طعناً برقم 131/94 بالتمييز، وصدر الحكم من محكمة التمييز بنقض الحكم والتصدي للموضوع واثبات الملكية وتسجيل العقار، إلا أن هذا الحكم أخطأ من جانب آخر على رغم كسبي للدوى، ذلك أن محكمة التمييز حكمت بثبوت الملكية للعقار جميعه بأسماء الطاعنين الذين ليس لهم سوى أسهم مشاعة، ما يتعذر على غير الطاعنين إقامة دعوى جديدة بطلب إثبات أسهمهم المشاعة في العقار موضوع الدعوى، وبصفتي وكيلاً عن الطاعنين وقعت في حيرة كيف أنفذ هذا الحكم الذي حرم غير موكلي من حقهم خاصة أن غير الطاعنين جاؤوني يطالبون بحقهم، والطاعنون الذين استولوا على كل العقار وهم موكلي رفضوا التنازل عن العقار الذي ثبت لهم بموجب حكم محكمة التمييز، إلا أنني فكرت وجمعت الخصوم الطاعنين وغير الطاعنين وطلبت من موكلي التنازل عن حصص ثابتة في الفريضة الشرعية لغير الطاعنين فوافقوا بقناعة، ومن ثم أخذت موكلي إلى مكتب التوثيق لكتابة إقرار بالموافقة على تسجيل حكم اثبات ملكية باسم جميع الورثة وتم ذلك بمواجب سجل توثيق رقم 9501989، وبعدها سجل العقار بأسماء الطاعنين وغير الطاعنين وهذا الخطأ الذي حصل ليس مستهدفاً ولكنه صدر على حين غفلة من المحكمة، ما يعني أن الأحكام التي تصدر ليست محصنة من كل طعن، وممكن للجهات الرسمية في إدارة الدولة العمل على حلها بما يتوافق والمصلحة العامة وما يرضي الله سبحانه وتعالى، فالحكم السابق المذكور لمحكمة التمييز والذي قضي بضرورة ايجاد وقفية بقي سنين لم تحركه الأطراف المعنية على رغم تعاقب إدارات عديدة.
لقد كاتبنا مدير إدارة الأوقاف الجعفرية بكثير من الحلول وطلبنا منه الايعاز إلى اصحاب العقارات بإقامة دعواهم بأنفسهم أو عن طريق محام لاثبات أملاكهم وتسجيلها ثم وقفها إذا أرادوا، فسمع منهم الكثير وامتنع القليل، أما بالنسبة للوقفيات القديمة التي قد تصل إلى السنين الكثيرة فهذه يمكن حصرها وتشكيل مجلس علمائي ينظر في أمرها ويتخذ قرارا بصحتها ويرفع أمرها بطلب تسجيلها إلى جلالة الملك، وإذ وجدت الشرعية لهذه الأوقاف الخالية من النزاع فلا شك أن الملك المفدى سيوليها أهمية بالغة خصوصاً أنه يثق في علمائنا الكبار ويوليهم أهمية واحتراماً منقطعي النظير، وهو الأسلوب الأمثل لحل هذه القضايا العالقة، ولنا كبير الأمل في أن إدارة الأوقاف الجعفرية سيكون لها السعى الحثيث والعزم المتواصل بما يمليه عليها واجبها الديني والاجتماعي والوظيفي لأن تسمع لما يقدم لها من نصح أو توجيه أو مقترحات جديدة خاصة لما اقترحته مسبقا إلى مدير إدارة الأوقاف الجعفرية في تاريخ 13/10/2003م والذي يتضمن الآتي:
1- لا يمكن للأوقاف رفع دعوى اثبات الملكيات وتسجيل أراضي الأوقاف في ظل وجود مبدأ صدر من محكمة التمييز العام 1992م، طعن 68، إذ اشترطت محكمة التمييز شرطين:
أ - أن يكون الواقف مالكاً للعقار بموجب وثيقة عقارية.
ب - أن يصدر من محكمة شرعية حكم بصحة الوقفية.
2- يمكن تسجيل أراضي الأوقاف، بأن يقوم الواقف، أو ورثته إذا كان ميتاً بتوكيل المحامي مباشرة، حتى لو لم يكن الواقف لديه وثيقة، فيقوم المحامي برفع دعوى اثبات الملكية لدى المحكمة باسم الأصيل، وبعد ثبوت الملك يسجل العقار باسمه وتصدر الوثيقة، ثم بعدها يقوم المالك الأصيل بوقف العقار، ثم بعدها نستطيع تسجيل العقار باسم إدارة الأوقاف الجعفرية باعتبارها الناظرة عليه.
3- أو أن يصدر مرسوم جديد، أو يعدل المرسوم رقم 15/1979 يكون بموجبه النص على اجازة الأوقاف الجعفرية أو السنية بقيد عقاراتهم التي تحت حيازتهم بقيد الوقف في السجل العقاري طبقاً لأحكام قانون التسجيل العقاري.
وفي رأيي أن يصدر مرسوم أو قرار من الملك المفدى بالسماح للأوقاف بإثبات ملكياتهم وتسجيلها أمام المحاكم كما كان معتاداً من قبل باعتبار الأوقاف شخصاً اعتبارياً من حقه الانتفاع بالتشريع الوضعي بخصوص التقادم المكسب للملك شأنه شأن الأفراد.
هذا ما لزم بيانه، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد.
محامٍ ومستشار قانوني
العدد 753 - الإثنين 27 سبتمبر 2004م الموافق 12 شعبان 1425هـ