عند الحديث عن مشروع الإصلاحات الاقتصادية، لا بد من الحديث عن القوى البشرية التي يمكنها أن تنفذ هذه الإصلاحات، وهذه المرحلة الفاصلة بين ما طرح يوم الخميس الماضي وحتى يحين موعد التطبيق، هي الفرصة الذهبية لكي تذهب أسهم صناعة القرار في هرم المجتمع من أعلى إلى أسفل وبالعكس، ويقال دائماً، ان الأسهم الآتية من القاعدة لها مفاعيل أفضل من تلك النازلة عليه من الأعلى، وذلك لأنها تعيش الواقع، بينما الفكرة الأساسية والتخطيط المحكم يأتي من الأعلى وبذلك تتكامل الفكرة. فالقوى العاملة الوطنية المفترض دخولها إلى السوق، يجب أن تحقن بنوع جديد من الإعلام والتربية، لا تقوم على مقولة يائسة بأن البحريني سواء درس أم لم يدرس فمردّه إلى طوابير العاطلين، فهذه مقولة العاجزين وقاصدي إشاعة اليأس، وهي تشبه كثيراً الرأي القائل، إذا انتهى المرتب في السابع من الشهر، فيجب التوقف عن العمل حتى يتم «ملء» الجيب من جديد، ولهذا يكثر ضعاف النفوس الذين يملأون جيوبهم بالحرام مستغلين الوظيفة، وهذا أيضاً ليس بعيداً عن التفنن في إيجاد الحجج للتغيب عن العمل لأتفه الأسباب، فهذا أيضاً من الكسب الحرام دينياً وأخلاقياً.
وترديد القول «أنا مواطن...» لا يغني عند أرباب العمل شيئاً، فصاحب العمل يريد إنتاجاً وإنجازاً يطور به عمله، فهو لا ينظر إلى الجنس والجنسية، بل ينظر إلى العطاء من أين يأتي، وإن لم يجد العامل المبتكر والمبدع الإنصاف عند واحد أو أكثر من أرباب الأعمال البخلاء والقاصرين إدارياً عن معرفة ما تعنيه المكافأة والترقية، فإن السوق البحرينية صغيرة، وستتسامع عن المبدعين وتتخطفهم.
الحديث عن أخلاقيات الإنتاج يطول، والخروقات التي يخرّب بها اللاعبون على المنتجين الحقيقيين كثيرة، والتحدي يبدأ من وضع اليد على مكامن الخلل، ليكون البحريني في وضع الاستعداد للانطلاق إلى سوق العمل ويأخذ مكانه بقوة واستحقاق، لا بفرض القانون، ولا بتجفيف المغتربين
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 753 - الإثنين 27 سبتمبر 2004م الموافق 12 شعبان 1425هـ