مع قرب فعاليات مهرجان البحرين الدولي الثالث عشر للموسيقى فان الموسيقى بالعادة تعكس الوجه الحضاري الآخر للدول بل وتكشف عن الطاقات الابداعية في هذا المجال من خلال طرح ينمي ويعرف الشعوب على فنون الموسيقى المختلفة وذلك من خلال العزف على الآلات الموسيقية المتعددة.
أن الآلات الوترية العربية تحديدا هي ما عُرف واشتهر به العرب في حقب التاريخ المختلفة أي من صنعها الى عزفها وتعليمها مثل العود وآلة القانون وهما من الآلات التي كانت معروفة وممارسة بصورة واسعة في فترات الدولة العباسية في بغداد والدولة الأموية في الاندلس.
ان فنانا عربيا (في العهد الاندلسي) مثل «زرياب» اشتهر بروعة عزفه على آلة العود بل و كان احد الاوائل الذي أسسوا مدرسة لتعليم فن العزف على العود في الاندلس لدرجة ان آثاره الموسيقية لاتزال باقية حتى اليوم اذ تعلم دروسه الخاصة بفن الوتريات في معاهد واكاديمات الموسيقى في عدد من الدول الاوروبية بما فيه الدول العربية التي لديها مدارس واكاديميات لتعليم الموسيقى.
لكن عندما نلمس هذا الاحساس في تاريخ الموسيقى عند العرب وكيف أثرت علوم الموسيقي ثقافات الشعوب الأخرى نجد ان ذلك الشعور وحتى التقييم لحال الموسيقى وتعليمه اكاديميا لايزال مترنحا ان لم يكن متذبذبا في البحرين.
فقد كان على سبيل المثال في فترة الثمانينات وحتى أوائل التسعينات يوجد معهدان خاصان لتعليم الموسيقى وآلاتها غير انهما أغلقا لاسباب مادية رغم ان ا لكثير من المواهب الصغيرة التي تتلمذت في هذين المعهدين تحولوا اليوم الى عازفين هواة أو محترفين صقلوها بالدراسة الاكاديمية.
غير أن المعاهد الخاصة لتعليم الموسيقى لا تغني عن الدور الكبير الذي قد تؤديه اكاديمية متخصصة تدعمها الدولة على غرار دول عربية وخليجية اخرى في توجيه اصحاب المواهب من مختلف الفئات العمرية على الطريق السليم المبني على الأسس العلمية، وخير مثال على ذلك معهد البحرين للدراسات الموسيقية التابع لوزارة الاعلام الذي استمر على مدار ثلاث سنوات وأغلق منذ اشهر قليلة دون سابق انذار رغم تساؤلات بعض أولياء الامور ومن بعض الدراسين عن الأسباب التي دفعت الى غلقه بصورة مفاجئة كون ان المعهد كان يمثل محطة مهمة في تطوير موهبتهم وخصوصا ان فصول الدراسة كانت مجانية و منتظمة بصورة تتناسب مع سير الدراسة في المدارس إذ كانت تركز على التعليم على آلتين هما تشيلو والكمان الى جانب البيانو والجيتار.
لقد كان المعهد يوفر امتحانات اكاديمية تقدم للدراسين معتمدة من قبل أساتذة المجلس المشترك للمدارس الملكية للموسيقى في بريطانيا وهي شهادة معترف بها دوليا في اغلب كليات الموسيقى في بريطانيا واوروبا واليابان.
الغريب في الأمر أن المعهد الذي كان تدعمه الوزارة المذكورة أغلق دون بيان أية اسباب تُذكر بينما نجد ان هناك معهدا خاصا هو الوحيد والموجود حاليا في البحرين اذ يتلقى كل الدعم المادي الى التشجيع المعنوي من قبل هذه الوزارة.
وهنا نسأل: هل ممكن ان تدعم وزارات الدولة اصحاب المعاهد الخاصة وتهمل مؤسسات تعليمية تابعة لها الى حد الاغلاق؟ أي بمعنى آخر هل يمكن لوزارة التربية والتعليم ان تدعم ماديا المدارس والمعاهد الخاصة او المؤسسة العامة للشباب والرياضة تدعم هي الأخرى اصحاب أندية اللياقة البدنية...؟ اعتقد أن ذلك يحتاج الى وقفة وإجابة صريحة من قبل وزارة الاعلام؟
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 753 - الإثنين 27 سبتمبر 2004م الموافق 12 شعبان 1425هـ